Tuesday 17 July 2007

الأم ودورها في تلافي الآثار السلبية لبرامج الواقع الفضائية

الكاتبة: نوره الخاطر
بمناسبة: يوم الأسرة
بتاريخ:15\4\2004


بسم الله الرحمن الرحيم

من الطبيعي إننا كبشر مؤمنين بحقيقة التطوروالتحول‘موقنين بأن دوام الحال من المحال‘فالأيام متداولة بين البشر‘والتطور سنة من سنن الكون‘والمجتمعات في أي زمان ومكان تعيش حياة متحركة وليست ثابتة‘والإختلاف فيما بينها يكون بالمدى الزماني الذي تتحرك من خلاله‘وكلما كانت الحركة أسرع كان التطور أكثر وضوحاً‘والإنسان هوالجزء الفاعل والمتحرك في المجتمعات عامة‘وبالفطرة نعي بأن المجتمعات لاتبنى إلاٌبفضل الديناميكية التي تميز أبنائها عمن سواهم سواء من الناحية العقلية أوالحركية‘وما دامت الحركة سائرة في مسار صحيح لايتعارض مع أحكام الشرع وضوابطه فلا إعتراض بل الواجب تشجيع مثل تلك الحركة حتى تكون المصلحة عامة‘ومن خلال هذه المقدمة نخلص إلى أن التطور يحتاج إلى ركيزتين أساسيتين هما:


· الفكر.
· التطبيق.

فلكي تنهض المجتمعات لابد من ترجمة الفكر المستنيرإلى واقع عملي‘وذلك من خلال ا لولوج في مجال التطبيق العملي عن طريق نقل الفكرة من الجانب النظري إلى الجانب العملي.
إن الفكر من الأعمدة الأساسية لنهضة المجتمعات‘على أن يتمخض الفكر إلى تجربة عملية تعودبالفائدة والربح على واقع المجتمع المعاش... ونسعى ونرغب من خلال هذا القول‘‘التأكيد على إنه من الممكن أن يكون الفكر رائعاً منطقياً متوازناً ولكن الخلل يكون في كيفية التطبيق الخاطئ والذي من خلاله تفقد الفكرة منطقيتها والمأمول من تنفيذها فتكون النتيجة عكسية على المجتمع ‘ والعكس أيضاً صحيح ‘‘ولذلك نقول أن الفكر إن لم يتوافر له المناخ المناسب الذي يساعد على نموه وتطويره يظل مجرد فكر عاجز عن الإمتداد أو التواصل مع الغير.
ولذلك فالفكر عندما يكون متغرباً‘وروابطه بالمجتمع تعتريهاحالة من التفكك‘فالتأثير سيكون عكسياً في أغلب الأحوال. خاصة وأن فاعليه هذا الفكرتحكمها نوازع شخصية‘ وأطماع مادية فالهدف الأول والأخيرهوالربح وبأي شكل من الأشكال‘بينما المصلحة العامة تكون مغيبة‘حتى وإن بدا الأ مر على غير ذلك.
والنهضة المطلوبة لابد أن تكون مبنية على أسس قوية ترتفع بالبناء‘ولاتعرضه للإهتزاز لأي عارض‘مهما كان عنيفاً.
ونحن كمسلمون مطالبون بأحكام شرعية تنقسم إلى ثلاث أقسام:
§ الأحكام الإعتقادية.
§ الأحكام الوجدانية.
§ الأحكام العملية.
وموضوعنا اليوم يتعلق في جانب منه بالأحكام الوجدانية‘[[الأخلاقية]] وتتعلق بما يجب على المكلف أن يتحلى به من فضائل‘وأن يتخلى عنه من الرذائل.
فالإنسان المسلم محكوم بمايعتقد,, وبما يعمل,, وبما يتحلى به من أخلاق.. وتتضافر تلك العوامل في بناء شخصيته السوية, والتي تشكل القدوة, ومتى ما أختل عامل من هذه العوامل, إختل بذلك البناء وإهتزت الشخصية وفقدت الكثير من إتزانها في أفعالها, وتوازنها في قياس العوارض التي تعترض طريقها.
وبما أننا نعيش ونعايش عالم مفتوح على بعضه البعض, وبما يحمل من خير أوشر في ظل ما يسمى بالعولمة, هذا المصطلح الجديد الذي بدأ بغزو مفرداتنا.. وحتى نكون على بينة من معنى هذا المصطلح, فهو يعني بإختصار وبجملة واحدة((عالم بلا حدود))وهناك من توسع وأفاض في التوضيح, ولكن ما يعنينا هنا هو الإنفتاح على الآخر كمطلب ملح , وعليه من الواجب علينا التحصن وإتخاذ أسباب الحيطة والحذر, حتى لاتختلط الأمور فيما بينها , ونُضيع بذلك البوصلة التي ترشدنا للإتجاه الصحيح هذا من جانب .
ومن جانب آخر هناك مصطلح آخر ينبري المدافعون للدفاع عنه, ألا وهو مصطلح الهوية‘‘فالعلاقة بين الهوية والعولمة قضية مثارة و حولها تدور محاور اللقاءات والندوات .
((هذه العلاقة [[ فيما بين العولمة والهوية]] باتت معضلة وموضع إشكال بقدر ما تبدو العولمة زاحفة أو كاسحة‘ وبقدر ما تبدو الهويات الثقافية في المقابل محشورة في زواياها الضيقة أو في دوائرها الخانقة.
من هنا يسيطر الآن على الوعي الإحساس بالأزمة. ووجه الأزمة أن ما تواجهه المجتمعات المعاصرة من التحديات والتحولات يطال المفاهيم والقيم ونظم الحياة بقدر ما يطال المواقف والخيارات أو المشاريع والمهام‘ أي كل ما يتعلق بشكل الوعي ونمط التفكير أو بقواعد التصرف وأسلوب العيش.
بهذا المعنى ثمة أزمة لأن ما يحدث يغير قواعد اللعبة الوجودية بقدر ما يخربط نظام المعنى وعلاقات القوة‘أي ما يتصل بممارسة الفاعلية والحضور عبر إنتاج المعرفة والقيمة أو الثروة والسلطة.
والأزمة عامة لاتقتصر على مجتمع دون آخر‘وإنما هي تشمل قطاعات واسعة في المجتمعات المعاصرة‘سواء عندنا في البلاد العربيةاوفي البلدان الغربية‘أوحتى في الولا يات المتحدة نفسهاالتي تتصدرقيادة العولمة. فالأكثرون من الناس يشعرون الآن باهتزاز ماإستقر في وعيهم من الثوابت والإصول‘أو بتغيير ماألفوه من نماذج الرؤيا ومبادئ التصنيف والتقييم أو بعدم ملائمة ما ساروا عليه من قواعد التوجيه ووسائل العمل والتدبير...))(*)[1]
ولوعرجناعلى مسمى الغزو الثقافي والمندرج تحت شعار(( عالم بلا حدود)) فأنه يمثل تحدياً صارخاً للدول والمجتمعات لما يمثله من تغيرات جذرية تطال القيم والسلوكيات والثوابت وتهز القناعات مما يفرض علينا مواجهة هذا التحدي بفكر متأني وإعلام واع ‘‘وبتحصين أوطاننا ومجتمعاتنا بصيغة تعاملية لاتنفي الآخر بكل مكتسباته ولاتقبله بكل مكتسباته لاإفراط ولا تفريط ‘‘ وليكن إعلامنا بكل فروعه المشاهد منه والمقرؤ والمسموع هو خط الدفاع الأول فيشترط فيه أول ما يشترط أن يكون مؤمناً بفكر وقيم وثوابت وعقيدة أمته ووطنه ‘ ومؤهلاً تأهيلاً عالياً وقادراً على تحليل ودراسة المعلومة من حيث نشأتها ومجتمعها ومراحل تطورها.. فالعولمة اليوم وماتثيره من شعارات ومفاهيم وقيم [[غزو ثقافي]] وما تخفيه من هيمنة أوجدت توجساً وخيفة لدى الدول والمجتمعات لهذا القادم الجديد فالعولمة ماهي إلاٌ منتج غربي صاغه وشكله فكر غربي خلال تطور مراحله‘‘ وقد مرٌ هذا الفكر بمرحلتين : -ِ
المرحلة الأولى: - منذ بداية القرن الخامس والسادس الميلادي حيث كانت هناك قيود وضوابط عليه من سلطة الكنيسة .
المرحلة الثانية:- بدأت منذ القرن السادس عشر الميلادي وكرد فعل على سلطة الكنيسة كسرت هذه القيود وعطلت الضوابط وحلق الفكر الغربي في الفضاء بدون قيد أو ضابط, وحدث ما يشبه الإنفلات. وأخطر ما في الأمر أن الثورة المعلوماتية وتدفق وسرعة وسهولة وسائل الإتصال التي نعيشها اليوم ما هي إلاٌ نتاج ذلك الفكر الغربي الغير مقيد والغير منضبط والذي ترك له العنان أن يقتحم جميع ميادين الحياة الإجتماعية والإقتصادية والدينية والعلمية .
[ وفي عصرنا الحاضر نعيش ثمار ذلك الإنفلات من القيود والضوابط متمثلاً في تطرف عقلي وفكري غربي غابت عن إهتماماته إنسانية الإنسان فراح يبحث علماءه بكل شيء وبلا حدود دون إعتبار لما قد يترتب على تلك الأبحاث من عواقب وخيمة على مستقبل الإنسان والطبيعة ‘ تلك النتائج المتمثلة بتلوث البيئة وتآكل طبقة الأوزون حول الأرض ‘ والأخطار المترتبة على عدم القدرة على التخلص من نفايات الطاقة النووية ‘ بالإضافة إلى الأبحاث البيولوجية وخاصة في مجال محاولة التأثير على الجينات الوراثية للتحكم فيها وما خفي كان أعظم](*)[2]
ومن هنا أصبح من الضرورة بمكان أن يتصدى إعلامنا لهذه المرحلة بفكر واع وعقل منفتح وأن ينهج نهجاً خاصاً في إيصال المعلومة لنا وذلك بتمرير هذه المعلومة قبل أن تصلنا بقنوا ت خاصة لفلترتها وتنقيتها تنقية صافية خالية من كل الشوائب التي قد تنهش في جسم ثوابتنا وقناعاتنا ومعتقداتنا .
هذه المقدمة البسيطة‘ماهي إلاٌ دلالة على ما نعايشه من وا قع مفروض ‘فرضته التغيرات والتحولات الحاصلة في هذا العالم ونحن جزء لايتجزأ منه‘وعلينا تعلم كيفية ا لعيش في هذا العالم بما لايؤثر على الهوية وفي ذات الوقت لايكون حجر عثرة يمنع من التطور والتغير للأفضل‘كما أنها مدخلاً لمناقشة ما أطلق عليه برامج الواقع‘والذي تتبارى في إنتاجه قنواتنا الفضائية((المجيدة!!!!)).
وبما إنني أخاطب أمهات معاصرات‘واعيات‘مثقفات‘ومتأكدة من كوننا جميعاً حريصات على أسرنا ومن ثم مجتمعاتنا‘من حيث أن الأسرة نواة المجتمع ففي صلاحها صلاحه‘تماماً كما هو القلب مضغة في الجسد إن صلح‘صلح الجسد كله‘وبتوقفه عن العمل لايمكن للجسد من حراك. ودستورنا الإلهي حث على التربية السليمة والخلق الرفيع.. ولم تغفل الدساتير الوضعية ذلك‘‘فقد نصت المادة الواحد والعشرين في مشروع الدستور الدائم لدولة قطر على أهمية الأسرة من حيث أن [[ الأسرة أساس المجتمع. قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن‘ وينظم القانون الوسائل الكفيلة بحمايتها‘ وتدعيم كيانها وتقوية أواصرها والحفاظ على الأمومة والطفولة والشيخوخة في ظلها ]] .
وفي المادة (22) (( ترعى الدولة النشء‘وتصونه من أسباب الفساد وتحميه من الإستغلال‘ وتقيه شر الإهمال البدني والعقلي والروحي‘ وتوفر له الظروف المناسبة لتنمية ملكاته في شتى المجالات ‘ على هدى من التربية السليمة )).
ومن هذا المنطلق نتداعى للتكاتف جميعاً في سبيل زيادة الوعي بما يدورحولناومحاولة فهمه أولاً‘وألآ نتعجل في إصدار الأحكام النهائية الباتة‘إلاً بعد دراسة وتحليل وتشاور وأخذ وعطاء مع من حولنا‘وبذلك نستطيع أن نمتلك الأسباب التي من خلالها نتمكن من إصدار الحكم الصائب على ما يواجهنا ودون أن يكون لذلك ضرراً بالآخرين وفي ذات الوقت ننقذ به أنفسنا ومجتمعاتنا‘فنحن أمام أطياف من البشر ولا يمكن لنا مسايرة الجميع‘والعكس أيضاً صحيح‘ فنحن كمجتمعات إسلامية لاننفصل عن هذا العالم من حيث كوننا جزء منه ‘وعليه فهناك نقطتين من الواجب التنبه لهما:
*النقطة الأولى: والتي لابد من الإشارة إليها هو أن ليس كل ما تتصف به المجتمعات الأخرى صفات سيئة أو غير مقبولة بالنسبة لنا‘فهناك كثير من نقاط الإ لتقاء فيما بيننا وبينهم‘من حيث كوننا بشر‘والإ نسان يولد على الفطرة.. وظروف الحياة والمجتمع والأسرة ابتداء تعمل على تكوين شخصيته او بمعنى آخر رسم هويته. ولذلك فعلينا الإعتراف بالآخر من ناحية كونه مختلفاً عنا في كثير من المسارات‘كما هو الحال معنا أيضاً‘ولكن هذا لايمنع من الإلتقاء في الكثير من النواحي الإيجابية.
وبما أننا الطرف الأ ضعف في وقتنا المعاصر... فنحن بأمس الحاجة للآخر لأننا بحاجة للتطور سواء من الناحية العلمية أو العملية باتجاهاتها المختلفة‘فالعالم متقدم علينا بأغلب المجالات وعلى مدى قرون‘ و مانحن في الوقت الحاضر سوى مستهلكين لما ينتجه هذا العالم المتقدم. وعليه فنحن مطالبون بالعمل على نهضة أمتنا وعلى كل الجوانب من خلال التعاون مع الغرب بما يحقق المصالح المشتركة والتي لايمكن أن تتعارض مع قواعد ديننا الذي به رفعتنا‘فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام ... ولايمكن أن تقوم لنا قائمة بدونه.. وكما قال سيدنا عمر رضي الله عنه: ((نحن قوم من أذل الأقوام وأعزنا الله بإلإسلام‘ ومهما نطلب العزة من غير الإسلام فقد أذلنا الله )).
* النقطة الثانية: وهي محور حديثنا اليوم ألا وهو مصطلح [[ الغزو الثقافي ]] والذي تتداوله الأقلام وتدور حوله النقاشات واللقاءات أيضاً.
وبما أننا نعيش عصر العولمة‘فالغزو الثقافي يتركز ثقله في وسائل الإعلام المختلفة‘وبالفضائيات بشكل أكثر تحديداً. وفي إعتقادي أن الغزو الثقافي لايعني غزو أحادي الجانب‘فالفضاء مفتوح للجميع ‘فكماأن الفضائيات الغربية تصلنا عبرالأقمار الصناعية‘فكذلك قنواتنا الفضائية تصل للغرب... ولكن الغلبة دائماً ما تكون للأ قوى لأنه يملك من الأسباب ما يساعده على نشر ثقافته‘‘بما تحمل من غث وسمين... والواقع الذي يدلل على نفسه أن الغزو الذي نعاني منه إنما يتم من خلال قنواتنا الفضائية وبقوة أكثر تأثيراً مما تتركه القنوات الغربية الموجهة .
وسأتحدث عن رؤيتي كأم وراعية أسرة لهذا الغزو الثقافي الذي أضحى يشكل الأزمة لدى الكثير منا ‘خاصة من ناحية التعامل مع أطفالنا. والمتمثل بذلك التسابق الأعلامي المشبوه في إنتاج الفكر الغربي ومن ثم تسويقه للمستهلك العربي والذي يبدو أنه فقد البوصلة في تحديد مساره و أصبح متلقياً للغث قبل السمين . وعندما نقول ذلك فنحن إنما نأخذ بالغالب من الأمور.. لأننا موقنين بأن في أمتنا الخير كل الخير. ولكننا نعرض لواقع يحتاج منا لوقفة..
فلوإعترفنا جدلاً بهذا الغزو... فالغزو.. يعتمد على أركان ثلاثة هي:
ý الإنسان.
ý المادة .
ý الفكر.
والإ نسان والمادة المقصودان فيما يتعلق بنا كعرب ومسلمين‘ ماهما إلاٌ نتاج خاص بنا لأن ما يغزونا ينطق بلساننا‘ أما التمويل لمثل هذه البرامج المعنية بموضوعنا فما هي سوى أموال عربية إسلامية... اما بالنسبة للعنصر الثالث فهو الغريب عنا لأنه فكر مستنسخ عن الغرب دون تقييم أو تأصيل... وهنا مكمن المشكلة التي نعاني منها.
إذاً وعند هذه النقطة نخرج بنتيجة هامة يجب أن نضعهانصب أعيننا وهو أن مصيبتنا إنما هي بأيدينا في الجانب الأكبر منها . فأمامنا ثالوث نحن من يشكل جزئيه المهمين‘ واللذان يعملان على إدخال الفكر حيز التطبيق ومن ثم التأثير على أفراد المجتمع من خلال هذا المجال العملي.
فأطفالنا كعرب لايتأثرون بالقنوات الفضائية الناطقة بلغة أجنبية بذات القدرالتأثيري الذي تتركه القنوات الفضائية العربية‘فالتأثير الأهم إنما يكون من خلال هذه القنوات .. والتي تسعى بفضل هؤلاء الممولين العرب لتعميم هذا الفكر الغربي‘‘وتنشئة الأجيال القادمة على نمط معيشي جديد أو لنقل متطور كما يدعون‘ بالرغم من إفتقاره الواضح للقيم والمبادئ التي تحكم أخلاق المجتمعات الإسلامية ... وما برامج الواقع التي طغت على فضائياتنا خلال الفترة الماضية إلاٌ صورة من الصور الواضحة لما نعنيه من خطاب في نقاشنا هذا.
فبرامج الواقع الفضائية تتزايد كلما علت الأ صوات الرافضة‘‘أو المعارضة لكيفية الإستنساخ المعيب حقاً.. كما أود أن أشير إلى جانب مهم يجب ألا نغفل عنه وهو ألاٌ نلقي باللوم كاملاً على القنوات الفضلئية لأن مجال الإختيار واسع‘‘ولكن اللوم كل اللوم على من يمول ويروج لمثل هذه القيم الإجتماعية التي لا تتناسب وتعاليم ديننا وهنا مرتكز الإعتراض فهؤلاء الممولين والمنفذين والمشاركين من أبناء جلدتنا قد زين لهم الشيطان سوء أعمالهم والله سبحانه وتعالى يقول((أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً فأن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ان الله عليم بما يصنعون))(*)[3] ‘‘والنفس أمارة بالسوء‘وهذه البرامج تشكل نقطة ضعف وتشد لها الكبار قبل الصغار‘‘ ولا يغيب عن البال أن من ضمن الأهداف المغيبة هو صرف الناس عن البرامج الجادة‘وما أسهل ذلك‘ فالدنيا ماهي إلاٌ دار غرور زائلة‘‘والشيطان ماهر في التربص لإبن آدم‘والتحصين إن لم يكن نابعاً من الداخل لايمكن له أن يتصدى لمثل هذا التيار‘‘وليكن الله لنا حافظاً... ولنستعرض بعضاً من برامج الوا قع التي فرضت على المشاهد العربي.
اولاً: برنامج سوبر ستار
يعرض هذا البرنامج من خلال فضائية المستقبل اللبنانية‘وتعودملكيتها لرئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري‘وقد كان هذا البرنامج إستهلالاً لبرامج الواقع العربية!وإن كان البعض لايصنفه ضمن برامج الواقع‘‘ ولكنه من وجهة نظري الخاصة اعتبره كذلك.. وقد شغل الجمهور العربي بهذا البرنامج وشكٌل بصورة أوبأخرى متنفس لهذه الجموع من الشباب‘والكبار أيضاً لابإعتباره قيمة بحد ذاته بل بإعتباره ملهاة يتسلى بها‘ولكنه تحول لظاهرة لفتت الأنظار إلى تأثيراته السلبية‘فتعالت أصوات الإستنكار‘وتعداد محاذير مثل هذا النقل العشوائي للبرامج الغربية‘حتى وإن إقتصر ضررها في كونها ملهاة فقط‘ وذلك قياساً لوضع الأمة ومدى حاجتها لإجيال واعدة بقوة عقيدتها وصدق مبادئها وعلمها وثقافتها أولاً‘وقبل أي شيء.ورغم علو الأصوات المعارضه‘إلاً ان المتابعة لهذا البرنامج فاقت التصورات والتوقعات‘وكانت أكثر صخباً وضجيجاً.. حتى وصل الأمر في بعض المناطق العربية بظهور الشباب في مظاهرات عفوية حاشدة لتأييد هذا أو تلك من المشاركين والمشاركات‘والملفت للنظر هو ترك المجال واسعاً لمثل تلك التظاهرات التي وجدت مناخاً رحباً دون أي إشالكية مما تتعرض له الجماهير فيما لو كانت المظاهرة في أمر آخر يعني الكثير للأمة...!! وللعلم فهذا البرنامج ما هو إلاً إستنساخ للبرنامج البريطاني ((بوب ايدول)).
((ويذكر أن 4,8 مليون عربي شاركوا بالتصويت في نهائيات سوبر ستار الماضي))(*)[4].
تأملوا هذه النسبة العالية‘‘وتخيلوا كم الأرباح التي عادت على الممولين لهذا البرنامج من إتصالات المشاهدين النهائية وما سبقها من إتصالات تمهيدية...
ثانياً : برنامج ستار أكاديمي
أطلقته المحطة اللبنانية للإرسال ((ال. بي. سي. L.b.c)). وذلك في ((كانون الأول )) الماضي وتحول إلى ظاهرة اجتماعية في لبنان والعالم العربي رغم إنتقادات الأوساط المحافظة.
ويسكن في الأكاديمية التي أقيمت في فيلا واسعة في ((أدما‘شمال بيروت)) 16 شاباً وفتاة من عدة دول عربية (( سورية‘لبنان‘تونس‘المغرب‘مصر‘السعودية‘الكويت)). تم إختيارهم من بين آلاف المرشحين. ولمدة أربعة أشهر يقوم محترفون في الغناء والتمثيل والكورغرافيا بتدريب المشاركين تحت عيون كاميرات تتابع تفاصيل حياتهم اليومية على مدى الأربع والعشرين ساعة من دون إنقطاع.
وخلال هذه الفترة تتم تصفية المشاركين بتصويت الجمهور عبر الانترنت والهاتف الجوال...
وكانت احصاءات مؤسسة.. ايبسوس اللبنانية المتخصصة قد أفادت أن نسبة المشاهدة لدى اللبنانين بين 15 و25 عاماً بلغت 80% عند اطلاق ((ستار اكاديمي)).(*)[5]
هذا ويشارك المشاهدون بالتصويت للمرشحين, ويكتمل التصويت في احتفالية يوم الجمعة[[المبارك]] من كل إسبوع‘هذا اليوم الذي تناسى الكثيرون فضله وقدسيته‘ فقد ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة : فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها‘ وفيه تقوم الساعة)).... وهكذاحتى تتم التصفية النهائية في إحتفالية كبرى في يوم الجمعة الموافق للثاني من إبريل من عامنا هذا بفوز المرشح النجم الذي سيضيء سماء العرب والمسلمين!!!. ولايفوتنا أن ننوه إلى أن برنامج ستار أكاديمي عبارة عن إستنساخ أيضاً لبرنامج فرنسي وبذات المسمى ‘‘ ومن الواقع أيضاً نطرح بعض الأمثلة الحية على التأثير القوي الذي خلفه هذا البرنامج على أطفالنا .
مثال ذلك هذا الحوار الدائر بين الأم وطفلها.
((أمي أبغي أشاهد ستار أكاديمي, تعالي شوفي أختي)) يصرخ الطفل حسين ترد الأم من المطبخ : ((كل يوم أسمع هذه المشكلة, ياسارة خليه يشاهد اللي يبغاه)). هكذا تصف الأستاذه في جامعة الملك فيصل في السعودية حال طفلها . معلنة عجزها أمام حبه لستار أكاديمي ,, فهو إبنها الوحيد بين الثلاث بنات ولاتريد ان تغضبه . قنوات الأطفال وأبطال الديجتال لم تعد تعجبه مقارنة بتلفزيون الواقع . تقول الأم : ((لايسمح طفلي لأحد أن يشاهد برنامجاً غير ستار أكاديمي. أصبح ينام ويصحوعلى هذاالبرنامج. يأكل أمام التلفزيون , ويحكي قصص الطلاب لأبيه عندما يعود من العمل)). تناقض عجيب ! إستاذة جامعية تعلم أجيالاً وتوجههم , وعلى رغم أنها ترى أن البرنامج لايصلح لطفلها, بحسب رأيها, تقف عاجزة أمام طغل صغير.
تقول الأستاذه بأسى واضح:((مع إنني أرى أن البرنامج سيء للغاية بالذات للأطفال في سنه فهو
لم يدخل المدرسة بعد ‘ولا يستطيع أن يفرق بين الخطأ والصواب)).
وفي وصف آخر لأم أخرى تقول: ((لاأسمح لأي أحد من أطفالي متابعة هذا البرنامج الرخيص‘‘
مهما كانت الأسباب‘وأحاول تلهيتهم عن متابعته‘او توجيههم للقيام بأمورمفيدة‘ويجب على كل
أم أن تخاف من مثل هذه البرامج)).وتضيف قائلة((إنه برنامج متحرر جداً‘وأستحي أن،أصف
مايدوربداخله‘هذا البرنامج يحاول تمرير الأفكار المتناقضة مع عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا)).
أم أخرى تقول: (( الفضائيات ملأت السماء‘ومن واجبنا كأهل‘ان نعلم أبنائنا الصواب والخطأ‘
لذايجب ألآ نتقوقع)).
وينقل أستاذ علم النفس الدكتور أحمد العامر[[جدة]]النقاش إلى مكان آخر: ((لاأعلم لما كل هذه
الضوضاء‘لوإفترضنا أن في البرنامج الكثير من الخلاعة‘فهذا ليس بجديد على الفضائيات‘وأفلام
السينما العربية تزخر بها‘إضافة إلى الأفلام الأمريكية‘لم يعد من الصعب أن تضع(طبقاً لاقطاً) في
أي دولة عربية أوإسلامية لتشاهد الأفلام الإباحية والحل في نظر الدكتور بسيط للغاية: ((فمن
لايعجبه البرنامج فليغير المحطة‘‘فالدين لايتغير بمشاهدة الإنحلال‘‘وعلى حد قوله الناس تبحث
عن أعذارفقط))(*)[6].
ورأي الدكتورالسابق يختص بالكبار‘فكيف هو الحال مع الطفل الذي لم يتبلور فكره حتى الآن
ولايعرف كيفية التمييز الصحيح بين الخطأ والصواب. وهنا لب المشكلة المطروحة.
ولو عدنا لأراء الأمهات التي وردت في التقرير لوجدنا أنها تترواح مابين ثلاث حلول هي كالتالي :
ý عدم الممانعة وترك الأطفال يتابعون كما يشاوؤن.
ý المنع البات.
ý شغل وقت الأطفال بما يلهيهم عن مثل تلك البرامج.
ولو تمعنا بمثل هذه الحلول لوجدنا أن كل منها يعتريه ويشوبه ضعف ونقص ما يقلل من النتيجة المتوخاة بالأخذ به‘ ويقلل من أهميته كحل من الممكن تعميمه لينتفع به أكبر قدر ممكن من الأسر. وسيتبين لنا من خلال المحاضرة ما يشوبها ويعتريها من نقص وضعف.
ثالثاً : برنامج على الهوا سوا
لاأعرف بالتحديد إن كان هذا البرنامج مستنسخ‘أوهوإبتكار مسخ وغير مقبول أساساً لأن الإنطباع الذي يتركه مختلف عما ينبغي‘ففي مجتمعاتنا أمثال شعبية ترسخ قيم عاليةولها فائدة في المجتمع‘ومنها المثل القائل:(( يابخت من وفق رأسين بالحلال ))‘بمعنى كونه واسطة خير في التوفيق بين شاب وشابة بهدف الزواج.
وطبعاً لا نتطرق هنا لحق الشاب في رؤية خطيبته أو من يرغب بالإرتباط بها. فتلك أمور تحكمها ضوابط شرعية وقيم عالية... لكن أن نصدق بأن برنامج – على الهوا سوا- هو الطريق الأمثل لجمع رأسين بالحلال‘ومن ثم نبيح مثل تلك الطريقة في عرض الفتيات وكأ ننا في مجال تسويق بضاعة فلا وألف لا... فالفتاة أكرم من أن تصور على إنها سلعة تخضع لقانون العرض والطلب.
وبما أن هذا البرنامج لايحظى بمتابعة الأطفال فآثاره السلبية بالنسبة لهم لا تكادتذكر.
رابعاً : برنامج الأخ الأكبر ((الرئيس)) big brother.
وأطلقته قناة ((mbc2)) وهو نسخة عربية عن برنامج بريطاني الأصل مستوحى من رواية جورج اورويل((1984))وما أن انطلق بثه حتى بدأت الضجة من حوله‘‘والمشاكل ذات الطابع السياسي في البحرين .
وتعود فكرة البرنامج على وضع 12 شاباً وصبية في منزل مشترك‘يشبه في ديكوراته إلى حد بعيد تلك الخاصة بمنزل((ستار أكاديمي)) ...
والإقامة مدة سبعين يوماً في جزيرة أمواج في البحرين يمنع خلالها على المشتركين استخدام أي وسيلة من وسائل الإتصال أو التقنيات الحديثة‘ في خطوة تهدف إلى إعادتهم إ لى نمط الحياة البدائية‘ويخطر على الشبان دخول غرف البنات أوالعكس[[جناحان منفصلان للشبان والبنات]] ولكن هذا لايمنع من إلتقائهم فيما بعد من خلال المشاركة في الأ لعاب‘ والمحادثة...الخ
وتبث المحطة تقريراً عن يوميات المشتركين مدته نصف ساعة مساء كل يوم‘وساعة ونصف الساعة مساء السبت (( تحتل الإعلانات نصف المدة تقريباً بحيث لايبقى للمتابع إلاٌ مشاهد متفرقة )).
ويظهرالمتسابقون في التقريرعادة في غرفة الجلوس يتبادلون أحاديث متفرقةلا تبدو مثار إهتمام الحاضرين جميعهم .
كما يغيب عن البرنامج وفق ما يرد في التقرير أي نوع من أنواع النشاطات الهادفة أو حتى حلقات الحوارات التقليدية‘‘‘ وسبقته حملة ترويج إعلا نية.
وقد إعتقد البعض إنه تقليد للبرنامج الأمريكي((big brother..big sister)) والذي يهتم برعاية الأطفال الأيتام ويؤمن الجو الأسري الطبيعي لهم تمهيداً لإنخراطهم في المجتمع .
وبدأ آخرون أكثر دراية بتفاصيل البرنامج: (( على هؤلاء المتسابقين أن يتعايشوا مع بعضهم البعض في الأوضاع التي خصصت لهم في البرنامج .. وكل إسبوع بعد سلسلة من التصويت المستمر من المتسابقين ومن ثم المشاهدين يتولى (( الأخ الأكبر )) إخراج المتسابقين من البيت كي يبقى فيه شخص واحد فقط .
ويضيف: ((هدف هذا البرنامج هو تسلية المشاهدين بالأوضاع الحقيقة التي تختلق داخل المنزل‘ من مشاجرات وحفلات ليلية‘وقصص غرامية بين المتسابقين ونميمة.
ويختتم : (( سيكون البيت مزوداً غرفتين للصلاة إحداهما للرجال والأخرى للنساء ))(*)[7]
وبالرغم من أن هذا البرنامج قد توقف ‘‘ونعتقد والله أعلم إنه توقف وقتي ليس إلاٌ‘وحتى يتسنى إيجاد موقع آخر بعيد عن إثارة الإحتجاجات .
وهناك ملاحظات عديدة على هذا البرنامج نستعرض ما تيسر منها :
أولاً : عندما يشير التقرير عن إختلاف البرنامج الأمريكي ((الأخ الأكبر‘‘الأخت الكبيرة)) بهدفه عن هذا البرنامج المستنسخ من البرنامج البريطاني ‘‘يتبين لناالمسارعة في الإستنساخ الضار وليس النافع... ويثور هنا التساؤل.. أين يكمن الغزوالثقافي في برامج الغرب عامة أو فيما نستنسخه على فضائياتنا العربية المجيدة!!!...
ثانياً : وضع الفتيات والفتيان في بيت واحد.. ولفترة سبعين يوماً تكون فيه الفتاة بعيدة عن محارمها وليس بإمكانها حتى الإتصال‘‘نقطة فيها مغالطة ومخالفة شرعية واضحة لامجال لإنكارها‘وهذاالأمرينطبق على جميع برامج الواقع الأربعة التي طرحناها كأمثلة.
ثالثاً : وضع غرفتين منفصلتين للصلاة أحدهما للفتيات والأخرى للفتيان‘فلو أخذنا هذا الأمر بصورة مجردة فهذا أفضل من إغفال الصلاة .. إلاٌ أن الأمر لايخلوا من التناقض‘فلربما أرادت فضائية ((mbc2)) التدليل على خدمتها للإ سلام وتلا في الأخطاء المتكررة في البرامج الأخرىالتي عملت على تغييب الدين ومرتكزاته‘‘ خاصة وأن القائمين عليها ينتمون لدولة إسلامية كبرى ترنوا أنظار المسلمين إليها‘ولكنها بهذه الخطوة لم تكن موفقة‘ بل بالطريقة التي ارتأتها ارتكبت هفوة أخرى‘‘لأن قواعد الإسلام كل لا تتجزأ‘‘فالصلاة ركن من أركان الإسلام والذي بتركها يعد المرء كافراً.. فتصوير الإسلام على إنه مجرد ركعات لاتنهى عن فحشاء ولا منكر خطيئة كبرى ولابد من الإنتباه لآثارها السلبية.. فالإيحاء للمتلقين من الأطفال والشباب وهم الفئة الغالبة من نسبة المتابعين لمثل هذه البرامج بكون الإسلام عبارة عن ركعات‘وكأن الأمر مجرد حركات رياضية خفيفة‘‘ فيه من الضرر الكثير‘حيث تترسخ في أذهان الناشئة أنهم بمجرد أدائهم للصلاة ((وفي أحيان تكون بمتابعةالكاميرات لهم)) ينتهي إرتباطهم بقواعد الإسلام الأخرى... وهذه مسألة فيها نظر‘‘والله سبحانه وتعالى يقول: (( اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون))(*)[8]
ومن السهل إستغفال البشر بإظهار غير ما نبطن ولكن من الصعب أن نخفي على الله ما نبطنه‘‘ والله سبحانه وتعالى لايجازئ المرء على عمله إلاٌ من خلال نيته فيه‘‘ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول (( إنما الأعمال بالنيات ولكل إمرء ما نوى)).
رابعاً : إن الهدف لهذا البرنامج تسلية المشاهدين ليس إلاٌ... بمعنى آخر أن هؤلاء الشباب قد وضعوا أنفسهم بمثابة الدمى المتحركة (( أرجوزات بالمعنى المتعارف عليه)) وذلك للإثارة والتسلية‘‘ والخطألايكمن في إثارة البسمة أوتسلية المشاهد فالوسائل لذلك عديدة‘‘ ولكن أن يضع المرء نفسه مجالاًً للإثارة والضحك أومثاراً للعصبيات المبغوضة فهنا مكمن الخطأ‘‘ خاصة وأن نسبة المشاهدة العالية تميل للصغار (( مابين الخمس إلى الخامسة عشر)) ... وهناك حقاً من يثيرون السخرية ومن ثم الضحك عليهم ومنهم.. فهل هذا ما ينشده المشاركون ؟!.
خامساً : الهدف الرئيسي للقائمين على هذا البرنامج لا يختلف عما عداه فهو هدف مادي بحت ... فالمادة تحكم المتاجرة بهذه البرامج ‘أو بما يسمى برامج الواقع‘‘لأنها تركز على واقع معاش للمشتركين في مثل هذه البرامج ولا يمكن بحال من الأحوال أن يمثل الواقع الحقيقي ولكنه يصور صورة من هذا الواقع‘‘وتعمل على إستقطاب أموال المتلقين من خلال المشاركة بالفرز الذي ربما تتداخل به عوامل أخرى لا تتبدى لهذا المتلقي ‘‘ فالمهم في هذه الإتصالات مقدار التحصيل المادي وليس رأي المتصل أو قراره ‘‘ هذا بالإضافة إلى أن أمثال هؤلاء الشباب المشاركين يسيؤن لأنفسهم قبل غيرهم ‘‘وما إشتراكهم إلاٌ دليل على سطحية فكرهم ولاعجب‘‘وتركيزهم منصب على مجرد الغناء والرقص وكأن ذلك الأمر هو الأساس في نهضة الأمم.
سادساً: هناك هدف آخر لايخفى على أولى الألباب‘ألا وهو صرف الناس عن قضاياهم الرئيسية .. أو متابعة البرامج الجادة التي تعمل على التنوير والإرشاد لما فيه الخير في الدين والدنيا‘‘ وإغراقهم بمظاهر مستجدة‘‘ ترسخ حالة الضعف والإسترخاء التي تعيشها الشعوب ليستمر التلاعب بإسمها ‘‘ومستقبل أجيالها. وهذان الهدفان الأخيران لايخصان برنامجاً دون غيره‘ بل تتساوى جميع البرامج المعنية بذلك.
ومن خلال هذا الإستعراض المبسط لهذه البرامج التي غزت فضائياتنا بفعل همة شبابنا المقلد‘‘ أو كما يطلق عليهم البعض ممن يعتبرون أنفسهم من دعاة التطوير والتجديد‘‘الشباب المنفتح على الآخر... نستخلص معان وعبر‘‘ والعيب الذي نشير إليه لايكمن بالتطويرأوالتجديد حيث أنهما مطلبان مهمان وتحتاجهما الأمة‘‘ولكن العيب في إستغلا ل المعاني في غير مبانيها..
فالمسألة إذاً تحكمها المادة ولاغير‘‘ بمعنى أن فضائياتنا تخوض مجال العمل من خلال المنطق الرأسمالي‘‘فالمال هو الغاية‘‘والغاية تبرر الوسيلة... وهذا منطق مرفوض في المجتمع الإسلامي‘‘فالغاية إن لم تكن سامية‘وتحكمها مبادئ وضوابط فهي غير مقبولة‘‘والكسب في الإسلام مباح بضوابطه ومابني عليه من أسس وركائز.
وهناك قواعد تحكم هذا التعامل منها القاعدة العامة((لاضرر ولا ضرار))‘‘وعليه فالتقليد الأعمى وإستنساخ الفكر بما لايتناسب وأحكام ديننا فأمر مرفوض‘‘من حيث كونه قد بني على فكر باطل((وما بني على باطل فهو باطل))‘‘والبطلان إنما يكون بعدم موافقة فعل المكلف للشرع.
ولا يعني ذلك الدعة والسكون‘‘ فالمجتمعات الإسلامية مدعوة للعمل والتحرك لا للجمود‘‘والعمل والحركة يحتاجان إلى ضوابط وقواعد يعملان على تنظيمهما‘‘ولذلك فضوابط الإسلام وقواعده تتيح لنا كمسلمين حرية الحركة والإجتهاد لكي نطور قدراتنا ومجتمعاتنا‘‘ولكنها في ذات الوقت لا تسمح بمثل هذا الإسفاف وذلك المجون.
وإن قال قائل,,إنظروا لهذه المجتمعات الغربية التي يتم إستنساخ مثل هذه البرامج من قنواتها‘وهي في حالة من التطور والرقي يزدادان مع مرور الأيام‘ولم تؤثرعليها برامج الخواء المعنية‘بل هناك برامج أكثر مجوناً وإنحلالاً!.
وعند هذه المسألة بالتحديد.. نتمنى أن يتفهم المتلقي ((الأم والأب بالتحديد)) أن المجتمعات الغربية لم تلجأ إلى مثل هذه البرامج إلاٌ في مرحلة لاحقة للتطور بمفهومه الحقيقي ‘‘كونها أمم عظيمة ذات هيبة وقوة‘متسلحة بالعلم والفكر والتقنية العالية‘ووصلت بذلك إلى القمة‘‘والوصول إلى قمة الهرم تعني نهاية الطريق‘‘وعندها لابد أن تدور الدورة من جديد‘‘والعودة للسفح أمر لامفر منه خاصة إذا لم يسعى المرء للحفاظ على العيش بمستوى القمة‘واللجؤء لمثل هذا الإسفاف لم يكن إلاٌ في ظل سيادة المنطق الرأسمالي في كل المجالات ومنها المجال الإعلامي الخطيرمن حيث كونه يخاطب الصغير والكبير ويقتحم البيوت دون إستئذان‘‘ويخاطب العقول والغرائز‘ويحاول التأثير بما يملك من وسائل التشويق والإغراء.وهذه الملهاة هي التي ستمهد الطريق الجديد والمؤدي إلى السفح. ولكل شيء إذا ماتم نقصان ...وبمثل هذه الأمور يبتدئ العد التنازلي للأمم‘‘خاصة ونحن نرى مثل هذه الأمم القوية وهي تعتمد على منطق يخلوا من المنطق‘ مفارقة عجيبة ومغالطة يجب أن نحذرها‘‘فالعلمانية أضحت عنواناً للتطور والحداثة‘‘أوبمعنى آخر يرد إلى خاطري وهو إبعاد الدين عن الحياة العملية‘فحصر الدين في الكنيسة‘‘ أوأماكن العبادة لايمكن أن يكون منهجاً صائباً لأن قواعد الدين عبارة عن تنظيم لعمل هذا الإ نسان الظلوم الجهول‘‘وما أنزلت إلاٌرحمة به فكيف نقصيها على إعتبارأنهاالعائق للتطور!! هذا من جانب ومن جانب آخر إعتمدت مثل هذه المجتمعات الغربية على المنهج العملي الذي تحكمه الحرية المزعومة والمحكومة بالنظرية الرأسمالية‘‘وللفرد الحق بإستثمار رأس المال بما يعود عليه بالربح وبأي طريق شاء‘فلا حدود ولاضوابط وهذه هي القاعدة العامة ولكل قاعدة إستثناء‘‘والأمرمرفوض إذا تعارض مع القوانين الوضعية فقط‘مع تغييب القوانين الإ لهية والتي لاتختلف إختلافاً جذرياً فيما بين الأ ديان السماوية.
ولا يعقل ونحن أمة تسعى للتطور أن ننزل للسفح ونحن مازلنا في بداية الصعود للقمة. فالفرد الغربي يختلف عنا في مناحي عديدة...
v الفرد الغربي يجد نفسه يعيش يوماً مرهقاً في سبيل زيادة رأسماله...خاصة وأن هدفه في الدنيا حُصر في اللهاث خلف زيادة الكسب‘وكأن الإ نسان لم يُخلق إلاٌ لهذا الهدف‘‘ ويُخطئ من يظن أن الإنسان الغربي غير معني بقوله تعالى ((وما خلقت الجن والإنس إلاٌ ليعبدون))*([9]) ولكنه مغيب بخطة تتكرر مع غيره في وقتنا الحاضر... لذلك فهو في عمل متواصل‘مرهق‘ومحاسب عليه بالدقيقة والساعة‘بالإضافة إلى مدى الإتقان المطالب به فالعمل مقدس‘‘ولايفوتنا أن هذا ما يجب أن نعمل على نقله لبلادنا‘وإسلامنا يحثنا على الإتقان والإخلاص فالعمل عبادة... والفرق شاسع مابين عمل المواطن الغربي والذي أخذ من الإسلام قيمة العمل وقدسيته‘‘ ونظيره العربي المسلم ...ومن المهم الإنتباه لهذه النقطة بالذات‘لأنها من أسباب تخلفنا وعجزنا في المجال العملي بكل صوره.
v ساعات العمل طويلة ممتدة إلى منتصف نهار كامل أو يزيد.
v نسبة العاطلين واللذين يتلقون المعونات الإجتماعية‘‘ولايجدون متنفساً غير متابعة هذاالإسفاف‘خاصة وأن علا قاتهم الأسرية شبه معد ومة فلا مسوؤلية تُحمل واجباً ولا دين يحكم تعاملاً.
وفي ظل هذا الإرهاق... وغياب الروحانيات... يعود العامل الغربي إلى منزله بجسد مرهق وأعصاب مشدودة ونفس كئيبة... لذلك هو يجد في مثل هذا الإسفاف راحة للذهن وتسلية للخاطر‘‘مع التأكيد على ما ترسخ في ذهنه من معان الحرية المغلوطة‘بإعتبار كل ما يراه أمر غير مناف لدين أو خلق بل هو مجرد حريات شخصية.
لذلك هو يعيش عالم سطحي يعتمد على الصورة المبهرة ويبتعد به عن ضغوط العمل وحركته الدوؤبة‘‘أو يشغل به فراغه الطويل إن كان من فئة العاطلين‘‘ولكنه بالرغم من ذلك مبهور بما يرى‘‘ويعيش معه حلم جميل‘فهو يتابع بشغف تلك المغامرة والمقامرة لهؤلاء المشتركين في مثل هذه البرامج‘‘ويستشعر النشوة وهو يشارك بتأييد هذا أوذاك ممن يميل له القلب أو تعشقه النفس‘‘ومن خلال هذه المتابعة‘بالإضافة للمشاركة يجد المتنفس لضغوط الحياة التي تثقل كاهله‘ خاصة وأنه غير مطالب بضوابط وجدانية تحكم وتوائم بين حياته الدينية والدنيوية‘بل هو مشغول بالفانية حتى نسي الآخرة‘‘وما تم ذلك إلاٌ من خلال سياسات عليا وبتوجيه إعلامي خبيث ويشرف عليه خبثاء هدفهم تدمير إنسانية الإنسان والمحافظة على جنسهم فقط ‘ لذلك عملهم منصب على تسطيح الفكر العام‘‘وإغراقه في الأحلام‘‘والسعي لتحقيق الوهم ليس إلاٌ... ووراء ذلك أهداف لايمكن أن تكون لصالح أجيالنا بصفة خاصة وأمتنا بصفة عامة.
و هنا يحق لنا ا لتسآء ل :
عن ما حققته الفائزة بالسوبر ستار الأول حتى الآن من مجد وإنتصار لشباب العرب؟! هذا إذا إستثنينا إستمتاع المتلقي بهذا العرض تخفيفاً للضغوط‘‘وحتى وإن أضاع ماله سفاهة‘‘ و صوت لهذا أو تلك فهو الآن لايسأل عن أياً منهم‘‘وعلى أهبة الإستعداد لمتابعةالجزء الثاني وإعادة الكرة في إختيار النجم الجديد((لاحظوا اللقب))‘وذات السؤال يتكرر في موقع آخر.. فماهو إنجاز نجوم الأكاديمية لأمتهم!.
وبالإشارة إلى أننا مجتمعات إسلامية تحكمها ضوابط خلقية يفرضها الشرع‘‘فلا مجال للإختيار عندما يكون الأمر صادراً من الله ومن ثم رسوله الذي لاينطق عن الهوى إن هو إلاٌ وحي يوحى ((وماآتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا..))*([10]).
وبناء على ذلك فالإختلاط في غير محله مرفوض‘‘والتبرج محرم‘‘وكذلك الأمربالنسبة لإنتاج مثل هذه البرامج‘‘ ومن ثم المشاركة في التصويت إثم و سفاهة((إضاعة للمال))‘‘في الوقت الذي يموت فيه الكثير من المسلمين جوعاً‘وتشريداً‘وتقتيلاً‘‘وهم أولى من غيرهم بهذا المال المهدر بما لايرضي الله ولا رسوله. لذلك المشاركة في التصويت مشاركة في الإثم...
إن مثل تلك البرامج تدخل في نطاق المتاجرة‘‘ولكن السلع مختلفة عن سلع السوق العادي‘‘والخسارة الكبرى تقع على المتلقبن فيما لو آمنوا بأن هذه البرامج مقياس للتطور والحرية... فالحقيقة عكس ذلك تماماً‘‘ولكن المشكلة مفروضة وتدخل كل بيت غصباً عنه.
ربما يتعجب البعض ويقول: لماذا غصباً عنه؟! خاصة وإنه بالإمكان الإستغناء عن هذه القنوات التي تبث مثل تلك البرامج بسهولة ببرمجتها‘‘وبذلك نحمي أطفالنا من مضارها...
وهنا يثور تساؤل آخر‘‘ماذا عن متابعتهم لها في منزل آخر من منازل الأهل أو الأصدقاء‘ ومن غير الممكن فرض آرائنا على الآخرين.أما القول بتركهم يتابعون البرنامج دون رقابة وتوجيه ففيه من الخطأ الكثير لأن الطفل مازال غير قادر على التمييز فيما بين الجد والهزل ومن واجب الوالدين أن يرشدانه ويعلمانه حتى يشتد عوده ويعرف ماله وما عليه..
وهناك من يعتقد أنه قادر على شغل الوقت بالنسبة لأطفاله‘‘وإن كان هذا الأمر يبدو منطقياً إلاٌ إنه من الصعب على الوالدين ذلك ‘‘ومن غير الممكن تواجدهم مع أطفالهم طوال الوقت فمشاغل الحياة كثيرة ‘‘ولا يغيب عن البال أن الطفل يختلط بأقرانه ويسمع منهم مالا يرغب الوالدان إطلاعه عليه فإن لم يتسنى له معرفة ما يشد إنتباه أقرانه تحت إشراف والديه فسيثير ذلك في نفسه رغبة دفينة للإطلاع عليه في غفلة منهم وفي هذه الحالة من الممكن أن يكون له تأثير تدميري على أخلا قه وسلوكه .
وبناءً على ما تقدم أطرح رأيي كأم حريصة على أطفالها‘‘وهو رأي قابل للنقاش لأنه يحتمل الصواب والخطأ.. والعصمة لاتكون إلاً لنبي..
من خلال الواقع الذي تمر به الأمة‘‘ وما يعتريها من ضعف وهوان‘ نلحظ أعاصير تعصف بها‘وتيارات جارفة تتجاذبها … والتيار عندما يكون جارفاً لايقف أمامه إلاٌ فاقد العقل‘وعليه فإن الإنسان العاقل السوي عندما يجد نفسه أمام تيار جارف يحرص على الإبتعاد عن مساره بكل جهده‘‘وإن كان الأمر لامفر منه ولابد من مسايرة هذا التيار فليحرص على أن يكون خط سيره بمستوى موازله‘‘بحيث يتمكن من متابعة مساره ليتجنب ضرر تفرعاته‘‘فالتوازي معه في خط السير يجنب المرء الإ لتقاء به في أي مسار يسلكه … وبذلك يأمن على نفسه من الهلاك‘وفي ذات الوقت يظل متيقظاً وعلى دراية بماأحدثه التيار من تدمير وخراب‘وبهذا الوعي يكون عاملاً مساعداً في معالجة أضراره بما يكفل للمجتمع الخروج بأبخس الخسائر‘ وقادراً فيما بعد أيضاًعلى الإستفادة بإستثمار نتائجه بما يعود بالنفع عليه وعلى مجتمعه.
وبما أن الفساد والفاسدين متواجدون في كل مجتمع ‘‘وحتى في عصر الرسل والأنبياء لم تخلوا المجتمعات من هذا الوباء الخلقي ‘فلا إستغراب عندئذ من وجود هذه الفئة‘‘ مضللة كانت أو ضالة وبهذه النسبة الكبيرة في زماننا المعاصر‘‘والذي أصبح فيه القابض على دينه كالقابض على الجمر تماماً كما ذكر رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة والسلام .
وأمام إنجذاب أطفالنا لهذا الجهاز الإعلامي الخطير[[التلفزيون]] وإنبهارهم بهذه البرامج وتتبعهم لها نكون أمام تحد خطير فما هو الحل؟
وكما مرٌ بنا أن البعض يرى في برمجة تلك القنوات حلاً ناجعاً.. وبنظرة فاحصة أجد أن هذا الحل ربما يكون ناجعاً ولكن في محيط ضيق‘‘والشريحة الكبرى من المجتمع لاتجد في ذلك حلاً ناجعاً‘‘ ومن غير الممكن حصر الطفل داخل أسوار المنزل‘‘فهو جزء من مجتمع يعايشه ويختلط مع أفراده‘يرى.. يسمع.. يتسآل‘‘وكل ذلك لابد أن يؤ ثر في هذا الطفل والذي ما زال يخطو خطواته الأولى في بناء شخصيته المستقبلية..ومن واجبنا كأهل أن نهيئه لمعايشة زمان غير زماننا‘‘ولذلك لايمكن تغييبهم عن ما يدور حولهم خاصة إذا ما رأينا إنجذابهم لهذاالإبهار‘‘وواجبنا هو المراقبة الواعية‘‘والتواجد معهم على ذات الخط الموازي المرسوم..حتى يكون التعليق على ما نراه معهم حافزاً لرفض هذا الإسفاف‘‘والتأكيد على أن هؤلاء إنما يعرضون أنفسهم للتهكم والسخرية وعلى أفضل الأحوال للإستمتاع والتسلية ليس إلاٌ‘‘ونسعى من خلال ذلك على منع الأثر التدميري في نفوس هؤلاء الأطفال المتلقين لهذا الكم من البهرجة المزيفة وما لها من سحر على النفوس‘‘وبذلك نشكل عاملاً منفراً يشكل حاجزاً يمنع هؤلاء الأطفال من الإ ندفاع الأهوج في التقليد لمثل هذه النماذج التي من خلالها يحاول البعض صياغة مبادئ وقيم جديدة لمجتمعاتنا الإسلامية‘‘وذلك بالإستعانة بنسخ متغربة‘‘الفرد فيها يبدو للناظر كالغراب الذي حاول تقليد الحمامة في مشيتها‘‘فأضحى لاهو من هذه ولا من تلك….
ومن خلال ما ذكر تتلخص الفكرة في نقاط محددة:-
1) السير في موازاة التيار في حال تعذر تجنبه.
2) متابعة حركته وخط سيره‘والإستماع إلى هديره الموحش.
3) الإشارة إلى ما يجرفه أمامه‘وكم التدمير الذي يتركه .
4) توضيح الطريقة التي من الممكن أن نرمم بها ما تم تدميره.
5) الضوابط التي تحكم إعادة إعمار ما أفسده التيار .
هذه النقاط التي أمامنا تحتاج إلى وعينا كأمهات بإعتبارأن برامج ما يسمى بالواقع والمشار إليها‘‘ أوغيرها من برامج اللهو الخبيث ما هي إلاٌ برامج فاسدة في أصلها مفسدة لغيرها ومشكلة بذلك أحد التيارات الجارفة والتي تجتاح أرضنا بقوة‘‘ وفي أحيان تحت مسميات مضيئة لامعة كما هو الحال مع هذه النوعية من البرامج الإعلامية!!.
§ بالنسبة لموازاة التيار فتكون في حال عدم القدرة على إيقافه أو الإبتعاد عنه بأي طريق كان..من حيث أن الغزو الثقافي قد دخل بيوتنا ولا مفر من المواجهة‘‘والبرمحة ليست هي الحل‘‘وإن كانت حلاً بالنسبة للفضائيات عند البعض ‘‘ فكيف هو الحال مع الإنترنت وهل هناك من يستطيع برمجته‘‘ومن غير المستحب منع أطفالنا من الإطلاع على هذه التقنية العالية فذا علم إيجابياته تتوازى مع سلبياته والمنع لايشكل الحل.
§ اما الإشارة إلى ما يجرفه فتكون بتعرية تفاهة وسطحية المشاركين في مثل هذه اللعبة الفضائية السمجة‘‘والتأكيد على أخطائهم ووقحاتهم وقبائح أفعالهم والتي يظنون بأنها مضحكة مسلية..((إنظرمقال للكاتب الكويتي محمد العوضي تحت عنوان – ستار أكاديمي.. وفن الإ نحلا ل الخلقي!))(*)[11] وبمثل ذلك نعريهم أمام أطفالنا ونحصرهم في النطاق الذي يليق بهم وهو مجال التسلية والتهكم على ما يصدر منهم من عبط وإستعباط‘‘وبذلك لا نجعل منهم قدوة سواء من الناحية الخلقية أو الشكلية...ونمنع أبنائنا من التصويت وبأي طريقة كانت‘ وننبههم إلى أن إضاعة المال في التصويت يدخل في خانة الإثم والتشجيع على المنكر وحرام في مثل ذلك صرف درهم واحد‘‘ لأن فعلهم هذا لاتحتاجه الأمة ‘ وهناك من هم أولى بأموال المسلمين ‘‘ مع التأكيد على الواقع الماثل أمامنا لكثير من أفراد الأمة واللذين يعانون من الفقر والجوع والإرهاب المنظم وما يسمى (( بإرهاب الدولة )) .
§ وإذا عرجنا على الطريقة التي يكون بها الترميم لما تم تدميره من قيم ومبادئ‘فهي بالدعاء لهؤلاء الشباب بالهداية...فعندما يكون الطفل مشدوداً ومشغوفاً بهذا الجمع وكم الإبهار المصاحب له ويصل إلى مسمعه صوت الأم أو الأب أوأي فرد في الأسرة وهو يقول ( اللهم إهديهم ) يتسآل ولم؟! وهنا تكون الإجابة خير وسيلة لتجنب ابنائنا الضرر ومزيد من الآثار السلبية التي تتسبب بها هذه البرامج وأمثالها.. فلم يكن الغناء الماجن والرقص المائع في يوم من الأيام دلالة على نهضة الأمم بل هو دلالة أكيدة على الوهن .. والترف المبغوض.
§ التأكيد على قواعد الإسلام وضوابطه وأن الرفعة والعزة للأمة لايمكن أن تكون إلاٌمن خلالها‘فالإسلام لا يرفع بمجرد رفع العلم الذي يحمل الشهادتين‘‘أو بركوع وسجود بلا خشوع‘‘أو بمسميات خاوية دون مضمون‘‘فالإسلام دين ودنيا‘‘ولايحرم الإسلام اللهو المباح ولكن ما يحدث في هذه البرامج وأشباهها فيه الخطأ كل الخطأ.
وهكذا بمثل هذه الخطوات نتجنب بفضل من الله سبحانه وتعالى الأضرار التي من الممكن أن تعكس سلبياتها على أطفالنا خاصة عندما نكون في غفلة عنهم‘‘لأ ننا إن إستطعنا الحكم بما يرون في وجودنا فكيف الحال في غيابنا .
هذه رؤية أنقلها وهي قابلة للنقاش كما ذكرت .. وأدعوا الله أن يحفظ مجتمعاتنا الإسلامية بأطفالها وشبابها ونسائها ورجالها من كل شر أو مكروه‘‘وليتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون))(*)[12].
اللهم وفقنا جميعاً لما تحب وترضى من القول والفعل ‘ والنية والهدى ‘ إنك على كل شيء قدير .

******************************
**********************





ý -[1] محاضرة للدكتور علي حرب ألقيت خلال الموسم الثقافي الذي نظمته جامعة البحرين‘‘آذار 2000.
ý [2] \ رحلة الفكر الإسلامي من التأثر إلى التأزم- الدكتور السيد محمد الشاهد .
[3] سورة فاطر آيه ((8))
[4] _جريدة الشرق القطرية العدد(5738) الموافق 2مارس لعام 2004
[5] _جريدة الشرق الأوسط العدد (9226) الموافق 2 مارس (آذار) 2004
[6] جريدة الحياة الصادرة في لندن(العدد14947)الموافق ليوم الأحد29(فبراير)2004الموافق9(محرم) 1425ه.
[7] جريدة الحياة \العدد((14947)) الأحد 29شباط\فبراير\الموافق 9محرم1425هجرية.
[8] سورة العنكبوت آية [[ 45]].
[9] سورة الذاريات آيه ((56)).
[10] سورة الحشر آيه (( 7)) .
[11] جريدة الشرق \ العدد(( 5731))الموافق 24\2\2004.
[12] سورة التوبة آيه ((105)).

No comments: