Sunday 16 January 2011

زين الهاربين - غير مأسوف عليه

 
كان يحمل مسمى لا ينطبق على فعله وإن كان لكل فرد من إسمه سهم فلم يكن لذاك الزين من مسماه شيء ، فهو من حكم العباد بإتباع هوى النفس وسلم إدارة المال العام لحرمه ليلى فحكمت المرأة القائد وأودت به إلى الهاوية فاستحق المسمى المعنون به المقال تهكما وسخرية ، حيث سارع هاربا من شعب أطبق على أنفاسه سنينا عددا فمسخ الكثير منه وحوله إلى جوقة مطبلة وأخرى منافقة وثالثة متحفزة ورابعة منفية وغالبية خائفة جائعة تنتظر الفرج وإذا به يأتي على حين غرة بإنتفاضة مباركة بإذنه تعالى آملين ألا يتحقق لأرباب الفساد الإلتفاف على هذه الثورة البيضاء بأياديهم ونواياهم الفاسدة ... ودعاء من القلب يرفعه كل عربي أبي بل وكل أحرار العالم أن ينصر الله شعب تونس ويمده بالقوة والموازرة من أخوته العرب واللذين تابعوا على مدار شهر مضى تلك التطورات لحظة بلحظة حيث أضحى المواطن العربي  مشدودا لذلك الفضاء الإعلامي الذي يمده بتطورات غير مسبوقة لشعب عانى مرارة لاتطاق ... حيث عملت قيادته على مسخ عنفوانه وكرامته ووطنيته وصولا لعقيدته ... وإضطر الكثير منه إلى الفرار من واقعه الأليم مع تواصل صمته بينما إرغم الكثير على التغريب للتغريد خارج الوطن ولكن من يعي ومن يسمع ... فقد أصاب الوهن كثير منهم ... بينما لحق الجبن بالغالبية فاضطر طوعا أوكرها للنفاق وفي أحسن الأحوال المجاملة ...
ماحدث في تونس الخضراء نتعلم منه دروسا ونؤكد فيه على حقائق وننتبه من خلاله إلى معطيات
اولا :- يقيننا بأن في الشعب التونسي الخير كل الخير من خلال متابعة مايجري للمناضلين بكلمة الحق ليس إلاّ ... فكيف بمن يحاول التغيير بالفعل وهاهو التغيير وقد تحقق ...
ثانيا :- تأكد لنا بأن حال الشعب التونسي كحال الكثير من الشعوب العربية حيث يحدد القادة صورة نمطية ينشدونها ، فالشعب لاهم له سوى الطرب واللهو واللعب وسياحة التحلل من القيم والمبادئ من اجل إنعاش الإقتصاد بالسياحة – سياحة الشؤوم -  بينما الشعب يموت جوعا ، وحتى يشبع ويرتفع بمستوى معيشته ماعليه سوى اللهاث وراء مسابقات الغناء والتمثيل والرقص والعري والعشق المحرم من حيث أن هذه المجالات ماهي سوى دلالة على التحضر والرقي ... ومتى ماأخذته النشوة بعيدا وإذ به يجد القائد محييا له معتبرا فعله وطنية وبناء ... وتلك هي المغالطة التي ربما يقع بها الكثير فالشعب العربي حر أبي يمتلك مقومات الحياة المصانة بالقيم والمبادئ المتماشية مع العصر بشخصيتها وهويتها ولاتعارض ولكن هم السلاطين اللذين قلبوا الموازين حسب رؤاهم الخاصة ونواياهم الدنيئة ... والشعب التونسي شاهد ، حي ، ماثل في يومنا هذا ...
ثالثا :- شعب تونس الواعي المتفهم الصابر الثائر وقد وعى لخطوته وحدد أهدافه وكشف المتلاعبين به ... وعليه أن يواصل الإنتباه فذيل النظام ناشط وإن قطع الرأس ... ومايجري من إنفلات ماهو سوى خطط معمول عليها لتفادي الإطاحة بالفراعنة وتخويفا للشعوب من مغبة جرأتهم على السلاطين المخلدين فما يليهم ماهو سوى الخراب والفتنة وما أتعسهم من سلاطين ... الخراب بوجودهم وفي غيبتهم ... فهذا هو نتاج أفعالهم قاتلهم الله من فاسدين مفسدين ... وأملنا في شعب تونس الذي بهرنا بثورته البيضاء وجلده وقدرته على النفرة حيث بلغ السيل الزبى ... فاللهم أعنه على المضي قدما بالتخلص من أطراف الذيل المتشعبة فيا أحفاد الأبطال ماكذب من قال – إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ... وسبحان المقدر حيث قالها التونسي ابوالقاسم الشابي ضدّّ المستعمر الأجنبي ، فأعادها الأحفاد ضدَ المندسين وسط الثورات وسارقي بطولة الشعوب من عونة ذاك الإستعمار ... إنهم أعوان خانوا ربهم وشعوبهم  بل وحتى أنفسهم ...
راابعا :- نقض الصورة المرسومة للشعب التونسي حيث تبدت الصورة الحقيقية حيث العلم والوعي السياسي ومناصرة الحق ... وتخلى المنافقون والمجاملون وماأضعف الشعرة بينهما عن ذاك الرأس المخلوع وصولا للجهر بصوت عال ودون خوف ضدّ ذاك النظام ، ومازال الشعب العربي يعاني من تلك الإنهزامية النفسية حيث الفردية تحكمه ومن الطبيعي أن يكون الهلاك للفرد إن واجه الذئب المتوحش منفردا بينما الهلاك للذئب إن واجهته الجماعة ... فالحالة الجمعية التي كان عليها الشعب التونسي هي التي مكنته من إرغام ذاك الجبان الذي لم يخاف الله ومنع الحجاب والصلاة أثناء العمل متحججا بكون العمل عبادة – حيث يفسر الدين على هواه – ويرغم الشعب بإتباع هوى الرئيس – وماأشبهه بفرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى بل وحتى نهايته شبيهة بفرعون حيث آمن بحق الشعب عند الغرغرة ... ،
خامسا :- البعض من العلماء المناط بهم دونا عن غيرهم واجب الجهر بالحق أمام سلطان جائر حيث المنزلة العالية لمثل هؤلاء العلماء قد لحقوا بالعامة من حيث التحرز والتهيب إن لم نقل الجبن ، تلك الحقيقة التي نتهرب منها بحجة النجاة من التهلكة إستنادا لقوله تعالى " وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ( آية 195) من سورة البقرة   
ومن الواضح أن الآية معنية بالإنفاق بما ويتناسب مع الدخل بحيث لاتأكل الزكاة المال ... إلاّ انه بالقياس اعتمد على ذلك في تفسير تقاعس بعض العلماء عن نصرة الحق والمجاهرة بمواجهة ظلم السلاطين ... لذا نجد الكثير من علماءنا يمتدحون ويثنون في ظل هذه الإستبدادية تحت بند طاعة السلطان والتهيب من التهلكة ... وكم نهيب بهم الجهر بالحق والبعد عن المجاملة فإن كانت مقبولة من الفرد العادي فلايمكن قبولها من العالم  ، ومازال في عالمنا العربي اشباه بن علي فأين الجهر بالحق أمام هؤلاء الطغاة المستبدين أم ننتظر دائرة السوء بهم ثم ننطق بما ترددنا في قوله ...
سادسا :- على هؤلاء السلاطين الإعتبار بما حدث لبن علي فهو أقرب إليهم من شاه إيران و الروماني نيكولاي تشاوشيسكو ... فعند السقوط لن يجد حوله من كان يقدم لهم الخدمات على حساب الوطن والشعب فمن يخون أمته سهل على الآخرين خيانته ومثله لايستحق الحماية إلاّ بقدر مايقدم من خدمات فإذا مافقد قدرته على تقديمها نفضت تلك القوى يديها منه وهكذا رفضه صديقه الكذوب ساركوزي وهو رمز لفرنسا التي لطالما إستحوذت على الوطن وخيراته وضيقت على الشعب وجوعته ليكن طيعا فيما تملي عليه ... بل وإستخدمت ضعاف الإيمان من أبنائه لإستمرار هيمنتها ومن خلال بن علي وامثاله فُتحت نوافذ تخدم اهداف الأعداء بينما ضيقت على آمال التحرر الحقيقي والسيادة الحرة ... أما اليوم فليس أمامها سوى مناصرة الشعب ...
سابعا :- التأمل في تلك المفارقة العجيبة فذاك الرئيس الذي حارب الإسلام وأهله ومنع الأذان وضيق على المصلين وحرّم التعدد وأباح الزنا وشرع للمجون وتلاعب بالمال العام وطغى في الحكم خدمة للأسياد اللذين زينوا له فعله بغرض تحقيق مصالحهم يجد نفسه فجأة ودون إنذار متسولا على حدودهم بينما أبوابهم مقفلة في وجهه ليحط ضيفا مكرما على من تضم أطهر بقاع الأرض في مملكتها ... يالها من مفارقة ... ألم يكن من الأفضل الإعتذار عن قبوله لاجئا فمثله يستحق النفي بعيدا عن الوطن العربي فهو وأشباهه عار على هذه الأمة ...
ثامنا :- إن كانت الكثير من الأنظمة بلعت غصتها وأعلنت إحترامها لإرادة الشعب التونسي ... فإن الرئيس القذافي غالط الشعب وتحدث بما لايقبله الحر ... وتحدث بما لايعقله المرء ... وتألم لإسقاط بن علي بينما لم يتألم لم عاناه الشعب التونسي في عهد بن علي مما أوصله إلى حافة الهاوية ... وكما يقال الجوع كافر فكيف إذا أطبق على الأنفاس ... والأدهى إنه صارح الشعب التونسي بان من الخير لهم بقاء الرئيس مخلدا مدى الحياة ... وإنما هو في حقيقة الأمر يخاطب القريب لا البعيد ولسان الحال يقول لننتبه ...
تاسعا :- حرق الشاب التونسي محمد البوعزيزي لنفسه في لحظة جنون لاتعني بأن هذا الفعل هو الذي حرر تونس أرضا وشعبا بل إنتصار الشعب لهذا المظلوم وغيره من الشباب والكهول وتلك الهبة الجماعية في وجه الظلم هي الفعل الذي أطاح برأس الطاغية ...  وفي رقبته ذنب هذا الشاب ومن تبعه في فعله ، وكل من سقط برصاص رجال أمنه اللذين مازالوا يواصلون مسيرته عملا على إفراغ هذا النصر من محتواه بإشاعة الهرج والمرج وسط شعب أبي إنتفض على الظلم ... ويكفينا شرفا وعي الشباب التونسي لتلك الفئة المنبوذة ... لذا لايجب على الشباب النظر لحرق النفس على أنه فعل الأبطال لأنهم من الممكن أن تذهب أجسادهم وأرواحهم وقودا للنار دنيا وآخرة دون أن تتحقق الهبة التي حدثت في تونس والتي أفرزتها ظروف ضاغطة ... متأملين أن يرحم الله ذاك الشاب لأنه بلا شك فقد عقله عندما سدت السلطات الرزق في وجهه وهوالطالب الجامعي المثقف ليصل به الأمر للهوان على يد موظفة حقيرة بلا شك عندما رفعت كفها لتصفعه مستقوية بنظام فاسد مفسد ،، تلك المرأة إن ثبت صحة ما إقترفته كفها فلابد أن تطالب للمحاكمة على مافعلته حتى يعي كل إمرء إن الله يمهل ولكنه لايهمل أبدا ...
عاشرا :- ليلى الطرابلسي تلك المرأة التي أذاقت الشعب التونسي القهر بينما تعرف عليها الشعب العربي بوجهها الحقيقي منذ شهر مضى ... ماذا جنت بفعلها وهل تستشعر تلك النشوة التي عاشتها في تلك العقود الذي تمرغت فيها بخير الشعب التونسي وأكلت من ماله العام حتى التخمة ، تلك اللذة فُقدت في لحظات وهاهي مشردة وأموالها مجمدة وعائلتها - التي مجدت فعلها وملأت راسها بعزة الإثم – مطاردة بينما الفضائيات تعلن مقتل أخيها الأصغر ، وفرنسا تطالب أقربائها وأصدقائها - هي وبعلها المبجل - بمغادرة البلاد فلا مكان للخونة حيث تسقط الأوراق ... إمرأة أتت على حكم زوجها فأضلته ولم تنفعه ... ولايعفيه ذلك من الذنب حيث هما يشكلان شركة متضامنة تستحق المحاكمة على كل فعل صغيرا كان أم كبيرا ... ومن لم يتعظ اليوم فلن ينفعه الندم غدا ...
حفظ الله شعب تونس من تداعيات فعل السوء وأهله ... وحقق له ماينشده من حرية وسياده ... ولينصر الله الشعب العربي عامة على من عاداه عربا كانوا أو عجما ...       

***************************
*************************

No comments: