Saturday 14 May 2011

إيش لم الشامي على المغربي ! .. ولكن هكذا جرت العادة

( إيش لم الشامي على المغربي !) ولكن هكذا جرت العادة ...
منذ مساء الثلاثاء الماضي الموافق للعاشر من مايو 2011 م والتعليقات .. التحليلات والمقالات الفكرية والثقافية في حال من التواصل بشأن ماصدر من إعلان أمين عام مجلس التعاون الخليجي بقبول طلب إنضمام مملكة الأردن للمجلس ... مع توجيه الدعوة لمملكة المغرب بالإنضمام ... هناك من قابل الإعلان بكثير من الإستغراب ... وآخرون إستقبلوه بكثير من التهكم والسخرية ... وغيرهم إستنكره رافضا له من الأساس ... وكما إعتذر الملك المغربي عن قبول الدعوة كتب الكثيرون محللين مفندين الأسباب والمسببات لمثل تلك الدعوة وماقابلها من رفض  ... والدعوة حقيقة كانت مفاجأة للعرب أجمعين والمعني بالعرب هو الشعب العربي وعلى راسه شعب الخليج العربي ... المواطن الخليجي  صدم بمثل هذا الإعلان بل غص به لا كرها بمبدأ الوحدة العربية التي يطمح لها بل غضاضة من تجزئتها  مابين ممالك وجمهوريات ...
فالوحدة كمبدأ مطلب مرحب به ... ولكن الأمر لايكون هكذا إرتجالا ووفق مصالح ضيقة ، بل لابد وأن تكون مدروسة بتأني ومنطلقة من خلال تفعيل دور تلك الجامعة الخاملة ... والتي في ظل عجزها كانت التكتلات الوحدوية الفاشلة ... وما نشوء تلك التجمعات الإقليمية في معزل عنها إلا دلالة على مدى هشاشة موقفها وعجز آلياتها ... الجامعة ضعيفة بضعف أعضائها وتفرق كلمتهم ... ومالم يكن الإعتراف بذلك لن يكون هناك تفعيل لميثاق الجامعة أو ديناميكية لآلياتها بل وفي هذا مدعاة للتشكيك في دورها بل يتعداه لمغزى وجودها من الأصل ... وإن كان التبرير لمثل هذا التجزء عدم قدرة العرب على حل الإشكاليات الطارئة ودرء المخاطر المتربصة بهم بتعذر الإجماع على موقف موحد ... فمن باب أولى وفي ظل ثورة الشعوب توحيد الرؤى على مستوى تلك الشعوب فهي العنصر الفاعل والفعّال في حركة الأمة وتقدمها للأمام بدلا من موجة الشحن البغيض ... وتوجبه دفة الصراع إلى مالاتحمد عقباه ... والعدو أيا كان لايحتاج لجعجعة بل إلى طحن بمعنى إعداد ومدد بقوة تحتاج لبصيرة وشجاعة بلا صوت عال لأن مثل هذا الصوت مزعج ومؤدي إلى نتائج عكسية لاتخدم الأوطان ... ولربما يرى البعض مثل هذه الوحدة المنشودة حلما بعيد المنال ولامحل له في تفكيره وتخطيطه ... إلا إنها بحسن الظن وإعمال العقل وصنع البيئة المساعدة والمعطيات الناجزة يسهل المسار ويتحقق للعرب الهدف في وحدة تجمع ولاتفرق .. تبني ولاتهدم .. تحمي ولاتتآمر على مكونات الوطن – أرضا وقيادة وشعبا-
ومناط الفعل توجه الحكومات بمشاركة الشعب لوضع إستراتيجية عربية بعيدة المدى تسور بها حدود الوطن أمنا وعملا يتقدم بها بين الأمم ... وبداية الطريق تفعيل ورقة الشعب المهمشة بمجالس برلمانية تشريعية ذات ثقل وترجمة حقيقة للمشاركة ... ومن منطلق التصالح القائم على بدء مرحلة الإصلاح الجدي ، الفاعل والمؤثر على مستوى القرار ...
الشعب الخليجي وفي ظل تلك الثورة الشعبية من أمامنا وخلفنا وعلى يميننا وشمالنا يجد من الصعب عليه تقبل هذا التغييب المتعمد والتعجل بإتخاذ القرارت دون إعتبار بوجوده بل وكأنه ماوجد إلا لكي يبصم ويتوكل ... وفي هذا إلصاق صفة التبعية البغيضة به ... وشاهد الحال يقول بكونه مواطنا مسيرا لامخير وماعليه سوى تقبل القرار بعد إصداره خيرا كان أو فيه من  الضرر مايطاله في معاشه ومسار حياته ...  وسعيد الحظ من يعرض عليه الأمر بعد أن يتم كأمر واقع لاتراجع فيه بإعتبار إعلام الشعب مكمن الشفافية وزد عليها الحرية ، ففي الإعلام إعلان بالتوافق مع الشعب الذي لا مطالب ولاحق له في  السياسة ...فإن تمت وفي الغالب منها  في غيابه فإعلامه بها كافيا ودلالة على الرضا والقبول ، وعلى أساس من كون الإعلام بالشيء مساو للتصديق عليه –   ... وكما يقال – هكذا جرت العادة –  بمعنى عُرف أخذ صفة القانون لدى النخبة والعامة ... ولذا يتراءى للقيادة الخليجية بأن هناك تقبل مفترض من الشعب الخليجي لمثل هذا الإعلان ... والحال على حقيقته مختلف تماما لما هو مفترض فهناك تجاهل شكل صدمة ودهشة ... ولايختلف حاله عن حال تلقي أخوته العرب لمثل هذا الإعلان الصادم الذي إستثنى القريب وشطح للبعيد وكما يقول المثل – عذاري تسقي البعيد ...  وبناء على هذا الحال ضجت الرسائل المباشرة وغير المباشرة بكثير من التعليقات التهكمية على مثل تلك الدعوة والتي بدت أشبه بدعوة على العشاء ... وماهكذا تورد الإبل ...
صوت الشعب الخليجي أمانة ... ولابد له من مساحة ضوء تتيح له الوضوح والتفعيل  ... الشعب أثبت ولاءه وإنتماءه وتلاحمه مع قيادته من منطلق ولاءه لأمته العربية والإسلامية ... ولم يتخلى هذا الشعب الصبور الحليم القادر على الإمتصاص عن تلك الصفات ويستحق التقدير والإكبار لاالتهميش والتغييب وإلصاق تهمة الخواء الفكري أو الغباء بمثله ... فمثل تلك الصفات الباطلة قال بها صنائع الأنظمة العربية البائدة وماكان ذلك سيحدث إلا بترسيخها من قبل أنظمته التي تجاهلت مشاركته ودوره في صنع القرار فالسياسة ليست مجرد كلمات بل قرار يترتب عليه مسارات عديدة في حياة الشعوب إقتصاديا وتعليميا وإجتماعيا وثقافيا ... ويكفينا مثالا على ذلك مافعله نظام حسني في مصر العظيمة حيث صعدت على أكتافه شلل النفاق والتسطيح والجهل والمفاسد التي لاحصر لها ...  إن تكاتف الشعب الخليجي مع قيادته وفي أحلك الظروف حيث المساندة والدعم لجدير بإستحقاقات كبيرة على راسها الإعتبار بفكره ، رأيه وصوته فهو لايقل عن أخوته العرب وعيا .. كرامة .. حبا لأمته وداعما مؤثرا لقضاياها  ... اليوم الشعب يستنكرهذا التجاهل والذي ينعكس سلبا على  قدرته في التفاعل مع محيطه العربي ونصرة أخوته في هبتهم لنصرة الأمة بإصلاح شؤونها ...
والتوافق على شكلية النظم لايجب أن تكون عائقا في مسيرة تلك النهضة في ظل ربيع الثورات المنصورة بإذن الله ... الدعوة لم تكن موفقة في توقيتها ولاشكليتها ومدعاة لتشكك الكثيرين في مقاصدها ومن باب أولى عدم القبول بها حيث أنها تخدم مصالح الأنظمة الملكية بينما تبتعد عن المصالح الحقيقة للشعوب ...
هناك من فاضل مدعيا بأن الشعب في الأردن والمغرب لديهما الكثير من المكتسبات المدنية والسياسية بينما واقع الشعب الخليجي مازال في ركود متواصل ... وحتى المطالبة بالإصلاح دائما ماتكون بصوت منخفض ... بل يعيب البعض على هذا الشعب الخليجي عدم إكتراثه بما يجري حوله من معطيات وتحولات ... وماهذه بالحقيقة في واقع المجتمع الخليجي بمكوناته ...
النظر للشعب الخليجي من علو فيه من ضيق الأفق الكثير ... ومن الضرورة بمكان إعادة الإعتبار لهذا الشعب من خلال أنظمته إبتداء ... وعندما يجد هذا الشعب مساحة للجهر بالرأي سيتعرف الغافلون على مدى الرؤية لمثقفي ومفكري هذا الوطن الخليجي من خلال كيانه الإقليمي المعرف – بمجلس التعاون الخليجي – والذي حتى الآن لم يفعل آلياته بما هو ملموس ومحسوس للمواطن الخليجي والذي يطالب قادته بوحدة كونفدرالية مثمرة كخطوة على طريق الإصلاح ... وهذا أدعى للإهتمام وأولى من من كسر المثل القائل – ايش لم الشامي على المغربي - ...

********************

4 comments:

Anonymous said...

مقال في وقته وفي محله

روزا مازن said...

مرحى لهذا الطرح والاسلوب
الى الامام

زوايا الفكر said...

شكرا للمتابعة ... ومعا نتقدم

Anonymous said...

شكرا على المقال