Monday 14 February 2011

ترهل الأنظمة وأزمة الشعوب



ترهل الأنظمة العربية مابين الإستئصال والشد ...


ربما يتخوف البعض من هذا التغير العاصف وتلك الهبات الشعبية الثورية على إعتبار أن فيها فتح جديد لتدخلات عدو متربص هذا ان لم يكن هو وراءها ... ولكن هذا التخوف لامبرر له ،، نعم العدو خطط للفتنة وتفتيت الوطن العربي عامة ، ولكن عبء تنفيذ المخطط المعني تضطلع به تلك الأنظمة العميلة ، وهي من تحرص على تنفيذه وهذه هي الطامة الكبرى التي لاينفع معها التسامح او التغني بامجاد الحاكم كما تحاول فلول النظام المصري والتي تتمثل بصورة حكومة تصريف الأعمال ويظهر هذا بصورة واخرى من خلال وسائل الإعلام المصرية رغم الإبتهاج بالثورة ورسم صورة جديدة للأبطال ولو طرحنا مثالا من هذا الدس الإعلامي لوجدنا بأن التسريبات القائلة بتوزير الإعلامي عماد الدين أديب وزارة الإعلام ماهي سوى مكافئة له وامتداد لصورة من صور النظام المخلوع ويكفينا العودة لتحليلات هذا الإعلامي ابان شعلة الثورة المباركة، وعندئذ نتبين بأن وصول مثله لهذا المنصب دلالة على بقاء رموز النظام والتفاف على الثورة بمثل هذه الصورة ... وبمثل هذا المخطط لن يتم الشفاء فمن حق عماد الدين اديب كمواطن مصري التعايش مع دوره كإعلامي له ماله وعليه ماعليه ولكنه لايمثل بأي شكل من الأشكال صورة من صور الثورة ...  تلك هي الحقيقة والمشاهد المؤكدة على ذلك ماثلة ولاتحتاج لإثبات ... كما أنه لايغيب عن بال  كل عاقل او متابع بأن تلك الثورات الشعبية المباركة في تونس ومصر فاجأت اول مافاجأت العدو ذاته وجعلته في حال من التخبط التي لم يفق منها حتى الآن  ...
الوضع القائم اليوم وضع مختلف فما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير لن يكون كما قبله ليس على مصر الناهضة بشبابها فقط بل على العرب جميعا اوطانا وشعوبا وقيادات  ...  وسنن الله في كونه غالبة وهكذا أتى امر الله وزلزل كيان النظام الفاسد في مصر نعم فاسد بل وفاسق افاق ولامجال للترقيع فيما انكشف الستار عنه ...  ومن طبيعة الزلازل تلك الإرتدادات التابعة لها والترقب لتلك الإرتدادات على كل المستويات ... وكما هو مشهود مرت ايام صعبة على كل فرد من افراد الشعب العربي حيث وضع اليد على القلب ترقبا للنصر وتخوفا من بقاء النظام ... وعلى النقيض من ذلك ترقب بعض القادة العرب لذات الحال تخوفا من نصر الثورة وترقبا لبقاء النظام ... وهكذا اتسعت الهوة مابين انظمة العرب وتطلعات الشعوب ولم يعد يجدي بها ردم او ترقيع ... وبناء على تلك الصورة التي مازالت توابعها تتالى وعلى مختلف الصعد يتبين مدى التفاوت في ردود الأفعال فعلى مستوى الشعب العربي عامة ظهر الفرح متعاظما حيث هزه الحراك التونسي هزا أيقظه من غيبوبة طالت به فتعالى بهامته واذا بمشهد مختلف وعالم متغير فكان لابد له أن ينتفض رافضا الخضوع وكان ماكان من ثورة شباب مصرالحضارة ... مصر الكرامة ،،، وثار عجب النظام وقال هذه مصر ولايمكن تطبيق كتالوج تونس عليها .. فهنا تركيبة مختلفة وحاول الإلتفاف كذبا ، صلفا ، تحديا واجراما وماطل حتى سقط الرأس اخيرا ولامفر  ... وأخرج الشباب المصري كتالوجا جديدا مستمدا اهم مبادئه من ثورة تونس الفاتحة لهذا الباب الموصد منذ عقود ... وتمت عملية الإنعاش لشعب عربي وصل حالة الموات ... وبقراءة للعناوين نجد بأن ثورة الشعب على ترهل تلك الأنظمة - والتي تحولت بالأوطان الى بؤر فاسدة مفسدة محتكرة للأرزاق - وضعتها امام تحديات توشك أن تعصف بها ... وهي اليوم تقف امام خيارين اما
·        الإستئصال ...
·        الشد ...
وعملية الإستئصال الأولى حدثت في تونس وتلتها مصر ومازالت المعالجة للشفاء التام من هذه الأورام متواصلة ولننتظر الشفاء داخليا قبل التطرق لأي شيء آخر فليس هذا وقت الحديث عن اتفاقيات اومعاهدات فالمعالجة الداخلية لابد أن تتم بهدوء وحذر ...
وبعين فاحصة يتبدى للشباب الواعي الذي بهرنا بحيويته ، ذكائه ، اقدامه وشجاعته ، ولكل متابع للوضع على الخارطة العربية أن ارهاصات هذا التغيير قد بدأت تتبين في الجزائر واليمن ... وهناك من تداعى مشدودا للوقوف مدعيا القدرة على الصمود  في وجه التيار  ، يحدث هذا  رغم الترهل البين لا على الجسد فقط بل على الفكر وطريقة العمل وحتى المنطق ولربما هناك حالات لاينفع معها الشد ...
ومايهم في مثل هذا المقام بالنسبة لنا نحن مواطني مجلس التعاون في منطقة الخليج العربي التحدث عن وضع مختلف عما عليه الحال في تونس او مصر من حيث نظم الحكم وسير مؤسسات العمل ومستوى المعيشة  ، فالمواطن في ظل هذه النظم لم يمر بذات المعاناة التي مر بها شعبي تونس ومصر مع الفارق مابين دولة واخرى ...  إلاّ أن هذا لايعني بحال من الأحوال عدم وجود الإستثناءات فهناك مستوى من الفقر يتدرج حسب وضع هذه الدولة او تلك وبناء على عوامل متعددة ... والإختلاف وارد من حيث نظم العمل وماشابها من ضعف نتيجة لذاك الترهل الذي لحق بالمؤسسات العاملة بدأ من مؤسسة الحكم ذاته وصولا لترهل المؤسسات على كل الأوجه كحالة غالبة من حيث تحكم البيروقراطية في سير العمل وعدم المرونة ومسايرة الأوضاع الإستثنائية مما يتسبب بضياع حقوق المواطنين ... وكمثال بسيط جدا ولكنه عظيم في دلالته شكى احد المواطنين في دولة خليجية بسرقة سيارته بينما هو متوقف للحظات لإبتياع حاجة ما وإذا به يسمع صوت هدير محرك السيارة واذا بها تسرق امام عينيه وتعاطف معه البائع الآسيوي ، فاعطاه سيارته شبه المتهالكة ولكنها مكنته من ملاحقة السارق في ذات الوقت الذي اتصل به بالشرطة واذا بالرد احضر بنفسك وقدم بلاغا ... رد معلقا بأن سيارته امامه في شارع كذا تقاطع كذا فلتعترض  احد سيارات الأمن القريبة الطريق لضمان حقه فكان الرفض مالم يأتي ويقدم بلاغا بنفسه وهكذا ضاعت السيارة !!! تلك عينة بسيطة ولكن دلالتها صارخة على مدى الترهل الذي وصل بكل مرافق البلد للتهالك ... وهناك الكثير الكثير ... ولربما تبين الترهل المعني بهذا الفساد بصورة جلية في البنى التحتية لهذه الدولة او تلك ... وحتى تكتمل الفضيحة نكتفي بيوم او اثنين من الأمطار المتواصلة ليتحول الأمر لكوارث تعم فيها الخسائر بل ويخيم الموت وتلك هي المصيبة فمن هو المسؤول ومن يحاسب من .. فما اصعب ان تحول النعم الى نقم تعمم الخراب ... وماكان ذلك سيحصل لولا هذا الترهل الذي اوجد الفساد وادامه ...  وحتى لانكون كالنعام ندفن رؤسنا في التراب فهناك مطالب للشعوب ان على مستوى الخدمات المقدمة وعلى كل الأوجه ،  او على مستوى السياسات العامة ومدى توائمها وتطلعات تلك الشعوب ... وأن كان من صلب النظم الإنتخابية التغيير الدوري لرأس الحكم مما يستدعي الإستئصال لمن يأبى الرضوخ ويتلاعب بالنظام باي وسيلة ... فإن الوضع بالنسبة للنظم الوراثية يختلف وبما أن الحكم العضوض مرفوض في الإسلام فإن التغيير المنشود بالنسبة للمواطن الخليجي لايرتبط بالنظام الوراثي بقدر مايرتبط بطريقة الحكم ذاته  ... فالشعب الخليجي مازال متصالحا مع حكامه كنظم وراثية ... والشعب هنا لايسعى لتفكيك هذه النظم الاّ ان بقائها ثابتة دون تغيير لايتوائم وسنن الكون ... وهذا ما يتطلب السعي  لتغيير ما ... ومنطلق هذا التغيير المنشود هو الحرص على هذا التصالح فيما بين القيادة والشعب ... وحرصا على أمن منطقتنا واستقرارها لابد من الإصغاء لصوت الشعب الناصح المحب الرافض للتدخلات الأجنبية المخلة بأمن المجتمع وأمانه ... ولذلك لابد من المسارعة بفتح قنوات فاعلة تهدف لحفظ تماسك المجتمع من هرم القمة الى مستوى القاعدة ... والقاعدة التي لابد من الإنطلاق منها هي قاعدة الإصلاح البعيد كل البعد عن التحزب والمصالح الشخصية لنضع مصلحة الوطن والشعب فوق كل مصلحة ... وبهذه المصلحة المعنية بالأرض والشعب تتحقق مصلحة القيادة ...  وبما أن الرضا التام لايتوافر في كل الأحوال ولكن الحكم بالغالب ... فإن منطقة الجزيرة العربية لها خصوصية ووضع متميز بما وهبها الله من نعم ... وبما أن الهم الأكبر يتركز في كيفية حفظها آمنة قوية قادرة على حماية الوطن والشعب بالإضافة لكونها بعدا استراتيجا لكل الوطن العربي  ... وحتى لا تكون منطقة ضعيفة هرمة يتكالب عليها الأعداء لابد من تسريع خطوات العمل نحو الإصلاح املا بشد هذا الترهل الذي تعاني منه بمثل تلك العملية... عملية اصلاح واسعة ينهض بها الشباب ليكن سندا لمن يمتلكون الخبرة والدراية بالوضع العام بما فيه من عجز ووهن ... ولذا لابد من العمل على على تغيير السياسات وتطهير المؤسسات ... ومامن مفر من الإعتراف بما اعترى تلك الأنظمة من ترهل طال جوانب مختلفة وبنسب مختلفة لذا يحتاج الأمر الى عملية شد ليست تجملية بل شد مساند للأعمدة دافعا لعجلة مسيرة العمل عاملا لوقف تأثير هذا الترهل على ماعداه بمعنى القبول بالإصلاح الجذري من حيث النظر للمشاركة الفعلية للشعب في الحكم وليس هناك افضل من الملكيات الدستورية حيث يحكم الشعب نفسة في ظل حكومة ثابتة راسخة لها كل التقدير والإحترام هذا من جانب ومن جانب آخر لابد من قراءة الوضع السائد قراءة متأنية حيث هناك همس وتبرم على مستوى الشعوب ولابد أن يكون لهذا الهمس صوت معبر عنه من حيث إعادة غربلة عمل المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية فالخليج لايمتلك مؤسسات مدنية بالمعنى الصحيح فمازالت المؤسسات المعنونة بالمدنية تنشئ بإرادة الأنظمة وتتلقى الدعم منها ... كما أنه من الضروري العمل على تجديد آلية منظومة مجلس التعاون الخليجي وصولا للإتحاد بأي صورة يرتضيها الشعب والقادة معا حيث بالإتحاد تتشكل قوة المنطقة مما يحفظ  أمنها ويرعى مصالحها ...
أما الجانب الأهم والذي لابد من وضعه على سلم الأولويات فهو مايتعلق بكرامة المواطن العربي من حيث موالاة عدوه الرئيس ونعني بذلك محور القضية القومية الإسلامية قضية فلسطين فهذا الجرح النازف يتساوى وجرح الفاقة والعوز التي حولت به الأنظمة جموع من العرب الى متسولين هنا وهناك وكما قال الكثير من المتظاهرين سواء في تونس أو مصر بأنه بالإضافة للجوع والقهر والظلم تعتبر قياداتنا خائنة موالية لعدو العرب والمسلمين الأول الا وهم عصبة الصهاينة واللذين لايتعاملون مع العرب على اسس من المصالح المشتركة بل على اسس من العدوان والإحتقار والإستعباد والإستيطان ... وهنا يكون الرفض ... العالم تغير ولابد من تغيير المفاهيم السائدة والقائمة على منطق حق القوة ، وليس قوة الحق ...

****************************

No comments: