Saturday 27 November 2010

مفهوم التطور الذي نريد ...

((بسم الله الرحمن الرحيم))
المركز الثقافي للطفولة
إعداد: نورةالخاطر
مجمع البيان \ المرحلة الثانوية
محاضرة
بعنوان
((مفهوم التطور الذي نريد))
3إبريل2005م
بداية وقبل الدخول في لب موضوعنا نعرج على ما نص عليه المٌشرع في مشروع الدستور الدائم لدولة قطر في الباب الثاني المتعلق بالمقومات الأساسية للمجتمع وفي المادة (21):- بأن
(( الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن ‘ وينظم القانون الوسائل الكفيلة بحمايتها ‘ وتدعيم كيانها وتقوية أواصرها والحفاظ على الأمومة والطفولة والشيخوخة في ظلها)).
ومن منطلق حرصنا على الأسرة بما تضم واضعين في أولوياتنا رعاية الطفل وتهيئته للمشاركة في بناء وطنه نسعى لمناقشة مفهوم يكثر تداوله بل والتغني به‘ بينما يسيء البعض منا فهم مضامينه المؤدية للرقي والتقدم والنهوض بالأمة بكل ما تحمل تلك الكلمات من مضامين وذلك من خلال الأخذ بيد الفرد لما فيه الصالح الخاص والعام معاَ .
وبناء على ما تقدم نطرح اليوم مفهوم التطور الذي نريد من خلال وجهة نظر مبسطة نبتعد فيها عن التعقيد لنصل لهدفنا المنشود بلغة سلسة تربط ما نعني بواقعنا المعاش حتى تكون الفائدة أعم وأشمل.
وعليه فالتطور لابد أن يرتبط بتطور الفكر ذاته لأن الإنجاز أياً كان إنما يكون بالفكرة إبتداءاً ولا فرق في ذلك بين ذكر أو إنثى فكل منهما يكمل الآخر فإن صلحت الفكرة تحدد من خلالها الهدف والذي يحتاج للإرادة والتصميم ومن ثم السعي لترجمة الفكر إلى واقع إيجابي ينتفع به المرء ومجتمعه ومن ثم وطنه بل والعالم كما هو الحال مع كثير من المخترعات التي عادت على البشرية بالنفع الكبير ‘‘ ومن المهم بل من الضرورة أن يترجم الفكر ترجمة صحيحة أما في حال شذوذه فالنتيجة حتماً فيها من الضرر الكثير.
والتطور بالمفهوم اللغوي يعني الإنتقال من حال إلى آخر أو من هيئة إلى هيئة تالية لها وقد قال الله سبحانه وتعالى في محكم آياته (( وقد خلقكم أطواراً)).[1]
وكل ما على الأرض يمر بأطوار متعددة وهذه سنة من سنن الكون وليس هناك شيء ثابت لايتبدل أو يتغير سوى خالق هذا الكون العظيم جلٌ جلاله ولكن هذا التحول لابد أن يكون في مساره الصحيح حتى لاتكون نتيجته سلبية ضارة . ولو تأملنا تطور الحشرة مثلاً ولنقل الفراشة لأنها من أجمل الحشرات التي خلقها الله لوجدنا أنها تمر بأطوار أو مراحل عديدة تسمى بعملية التحول وهي كما مرٌ بكم فيما تعلمتم أربعة أطوار (( البيضة‘‘ اليرقة ‘‘ الخادرة ‘‘ الفراشة المكتملة )) ‘‘وفي كل طور نرى تقدماً ملحوظاًعن الطور الذي سبقه أي بمعنى التحول الإيجابي‘‘ ولو إعترى أياً من هذه الأطوار خلل ما فحتماً الخلل سيسري على جميع الأطوار إن لم يتم تداركه ‘‘ فالتحول لابد أن يسير في إتجاهه الصحيح والمتماشي مع تكوين هذه الحشرة والفطرة التي فطرها الله عليها‘‘ وكذلك هو الحال مع كل مخلوقات الله الحية وعلى رأسها الإنسان الذي يمر بأطوار متعددة منذ بدئ نشاته وحتى مماته منها ما هو خارج عن إرادته ومنها ماهو مكتسب من جراء حاجته ومدى ما يتحقق من نتائج يمليها حراكه الإجتماعي كفرد بطبعه جبل على الحركة لاالسكون الذي من الممكن أن يضر به أيما إضرار وبمثل مبسط فهذا الجنين في بطن أمه يمر بمراحل متعددة تبتدىء بالنطفة إنتهاء بإكتمال النمو حتى يكون على أهبة الإستعداد لمواجهة عالم آخر غير العالم الذي مكث فيه تسعة أشهر كطبيعة غالبة وينطبق عليه ما ينطبق على غيره من المخلوقات فلو إعترى تلك الأطوار عارض ما ربما يودي إلى ولادة طفل مشوه أو مصاب بعلة ما وسبحان من خلق الكون وسيره ..وينطبق الحال أيضاً على الحركة المعنية بالوصول بالكائن إلى حال أفضل مما هو عليه ولكن بما لايضر به غيره ولو عدنا لمثالنا السابق كبداية في خلق الإنسان فالجنين إن لم يكن قادراً على الحراك المؤدي لولادته بشكل طبيعي تعسرت به الولادة التي ربما تودي بحياة الأم أو الجنين أو بالإثنين معاً إن لم تتلقى الحالة الرعاية الطبية المناسبة وكم حدث ذلك في العصور البائدة ‘‘ ولذلك فالإنسان قد كرمه الله بالعقل وأورثه الأرض ليكون حارساً عليها وعاملاً على إعمارها بالعبادة والتي تحمل في مضمونها العمل الصالح الذي ننشده فالعمل في الإسلام حق مقدس بل هو عبادة يتقرب بها المرء إلى بارئه وكل منا مجازى بعمله وما يترتب عليه من نتائج سلبية كانت أو إيجابية وقد حثنا الجبار العظيم على العمل ونبهنا بمدى الرقابة على على هذا العمل والتي لاتقتصر على الرقابة الذاتية أوالخاصة بأرباب العمل ذاته بل هناك رقابة عليا من الله سبحانه وتعالى ومن رسوله الذي شرع وأكمل للمؤمنين دينهم بكل مافيه من تفصيلات ومن ثم الرقابة الإجتماعية من قبل المؤمنين حيث قال (( وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)).[2]
والعمل في الإسلام لايتم إلاّ بالإتقان والذي هو واجب حثنا عليه نبينا الكريم والذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى ففي الحديث الشريف قال عليه الصلاة والسلام (( من عمل منكم عملاً فليتقنه)) .
إذاًالعمل المتلازم بالإتقان مطلب يحثنا عليه ديننا الذي نحرص على رفعته ونفديه بأرواحنا الرخيصة في سبيل الله ولكن وللأسف الشديد قد تغافل الكثيرون عن مبادئ الدين فخانوا الأمانة واستسهلوا الغش واللآمبالاة وتهاونوا كثيراً في واجباتهم مما أدى بنا للإعتماد على غيرنا من الشعوب في كثير من إحتياجاتنا التي يستلزمها التطور الحديث والذي يعتمد على العلم والتكنلوجيا‘‘ لذلك لابد أن نناصر الدعوة المطالبة بالحراك الإجتماعي وبالعمل والمثابرة عليه لتكون النتيجة رفعة هذا الوطن الذي يضمنا في جنباته ونفع أخوتنا بل والبشرية جمعاء لأن من واجبنا أن نتعرف على الآخر بل ونتواصل معهم لنبني جميعاً هذا الكون الذي نتعايش فيه وهذه دعوة دعانا الله لها قبل تنظيرات المتفلسفين والمتحاذقين فهو القائل (( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )).[3]
ومن الطبيعي أن تمر فترات من السكون والسبات على كل أمة وهذا طور لابد منه ولكن الأمة التي تأبى السكون وتسعى للحراك لأنه من ثوابت عقيدتها إن لم يكن سنة من السنن المتعارف عليها منذ خلق الله الأرض ومن عليها‘‘أمة كهذه لابد لها أن تحيا من جديد‘‘ وأمتنا أمة حية تأبى الموت بل الله تكفل بإحياءها ووعد بأن يبعث قوماً مؤمنين يعملون على إحياءها إن تقاعس أفرادها عن البناء والتعمير النفسي والخلقي والمادي المتمثل بنهضة الأوطان في مجالات العلم والبناءالبعيد عن الفساد والإفساد ويكون ذلك بإعتماد التأسيس القوي المدعوم من قبل الدولة للبنات الأولى التي تعد للمستقبل الناهض بهذه الأمة إنشاء الله فهذا النشىء يعتبر الأساس للبناء الذي نعمل ونأمل جميعاً بإرتفاعه عالياً ليبقى صرحاً شاهداً مؤرخاً لعصر جديد نتطلع إليه بشغف وحب وهذا واجب على الجميع وحق لهذا النشىء الذي يأمل منا الكثير في سبيل إعداده وتهيئته حتى يحين دوره في أداء واجبه لمجتمعه ووطنه وذلك من خلال ترجمة العلم النافع ألى واقع حي مؤثر فيما حوله ‘‘ وقد نصت المادة (22) في مشروع الدستور الدائم لدولة قطرعلى (( أن الدولة ترعى النشىء وتصونه من أسباب الفساد وتحميه من الإستغلال وتقيه شر الإهمال البدني والعقلي والروحي ‘ وتوفر له الظروف المناسبة لتنمية ملكاته في شتى المجالات ‘ على هدي من التربية السليمة )).
بل الرعاية الفضلى هو مادعت إليه إتفاقية حقوق الطفل والتي صادقت عليها دولة قطر في 1995 ‘‘ والمقصود بالرعاية الفضلى إيلاء الطفل العناية الكبيرة بإعتباره يمثل كل المستقبل‘‘ وعندما نقول الطفل فالمقصود الطفل منذ مراحله الأولى وحتى سن السابعة عشر ‘‘ ربما يستدرك البعض هذا القول بإعتبار أن المرحلة المتأخرة لاتعتبر طفولة ولكن المشرع قصد بذلك إكتمال النضج الذي يؤهله لتخطي مرحلة الطفولة التي يتم فيها الإعداد لتحمل المسؤليات في بناء هذا الوطن‘‘ ولو تأملنا واقع اليوم لأكتشفنا بان الفتى أو الفتاة التي من الممكن أن ينطبق عليهم هذا المسمى ربما يتميزون عن أقرانهم اللذين سبقوهم بقرون أو ربما بعقود ماضية بكم معرفي كبير ولكن بنضج عقلي أقل ففي السابق كان أمثال هؤلاء قادرين على تحمل المسؤولية التي وصلت بأسامة إبن زيد لقيادة جيش وهو في السادسة عشر بينما من في عمره الان وفي الأغلبية منهم عاجزين عن تحمل أية مسؤولية بل وحتى في تحصيلهم العلمي متقاعسين وهمهم الأكبر متابعة البرامج والأفلام وقد أصابهم هوس برامج الواقع حتى غدا الفرد منهم يحمل هم تشجيع من يرغب في فوزه بتكرارعمليةالإتصال المرة تلو المرة والتي عن طريقها إستمرت مثل هذه البرامج المضللة والعاملة على غسل أدمغة أطفالنا بل وحصدت من الأموال الكثير بفضل هذا الجهل او بمعنى أصح عدم النضج وإلا فكيف بالمرء الناضج وهو يٌضيع بجهده وماله في سبيل من ضللوا وشوهو المفاهيم حتى غدت المحرمات شيئاً مباحاً في عرف هؤلاء الشباب بل أعتبر ذلك دلالة على التطور وهنا مربط الفرس كما يقال‘‘ فالمعنى المراد من التطور قد أسيء فهمه وحورت مضامينه إلى خواء ولايمكن أن يكون التحلل نوع من أنواع التطور الإيجابي المرغوب ‘‘ ولذلك على هذا النشىء ان يرتقي بفكره قليلاً ويعي معنى التطور الذي تنشده القيادة ويأمله أفراد المجتمع وفي دلالة على قولنا هذا نستعرض مقتطفات من كلمة حرم سموأمير البلاد المفدى سمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند رئيس المجلس الأعلى للأسرة في أعمال الدورة الإستثنائية السابعة والعشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بالطفل ( مايو 2002) والتي أفتتح بها دليل المعلم والأهل ببرنامج نشر ثقافة حقوق الطفل في المدارس ((... إنه من مسؤوليتنا أن نكرس مبدأ الحوار في سلوكنا ‘ وممارستنا ‘ بأن نعتمده في بيوتنا مع أطفالنا ‘ في مناهجنا التربوية‘ في محيطنا القريب والبعيد‘ فبذلك تُؤسس ثقافة مجتمعية وكونية تقوم على التوازن بين المصالح والقيم ‘ تعترف بالحق في الإختلاف على أساس التعاون والفضيلة والخير ...)).
ولنتفكر بما تحمل الكلمات من مضامين ونعي قيمة الهدف الذي نسعى في سبيل تحقيقه بداية من تكريس مبدأ الحوار سواء من ناحية السلوك بكيفية مقابلة التساؤلات التي نواجهها من قبل هذا النشىء إلى كيفية ممارسة ذلك الحوار والذي يتطلب كثير من الصبروالتريث في إصدار الأحكام وسواء كان ذلك على مستوى الأهل أو التربوين في المدارس والجهات المتعاملة مع هذا النشىء فمن خلال الحوار نرسخ مبدأ الشورى – وما خاب من إستشار- فالناشىء يسأل والمتلقي يجيب وبالأخذ والرد نصحح مفاهيم مغلوطة ونغرس ونرسخ مبادىء وقيم ننشدها لأجيالنا القادمة .
كما إنه( من منطلق رؤية المجلس الأعلى لشؤون الأسرة والذي يتطلع إلى خلق أسرة قطرية متماسكة ‘ مستقرة‘ معتمدة على نفسها ‘ تفخر بثقافتها وهويتها العربية الإسلامية ‘ تعي حقوقها ومسؤولياتها ‘ يتمتع أفرادها بصحة عالية ‘ تساهم بفعالية في بناء مجتمع منتج ‘ منفتح على العالم وينعم بالإستقرار والرفاه).
يجب علينا جميعاً كباراً وصغاراً رجالاً ونساءً ترجمة هذه الرؤية لواقع ملموس يستشعر الخلل ويتجنبه ويسعى للثبات على مبادئه الراسخة وألا يتناقض مع نفسه ومجتمعه ويتقبل ما تروج له الأبواق الداعية للتحلل بإعتباره تطور منشود أو بكونه ضرر لابد منه في سبيل الوصول للرقي فهذا منطق أعوج مرفوض وليس من الحكمة أن نوجب على أنفسنا سلوك الطريق الأعوج الذي سلكه غيرنا بحجة الوصول لبر الأمان خاصة وقد تبين لكل ذي لب أن طريق النهضة لايستلزم تلك المظاهر المضللة والتي تفوق بسلبياتها أي مكسب عائد من خلالها تماماً كما هو الخمر الذي يذهب بلب صاحبه وإن ترآى مكسب لبائعه فهو مكسب دنيوي زائل ولكنه دين سيدفعه عقوبة يتلظى بنارها في يوم لاينفع فيه مال ولابنون... ولذلك فعلى الجميع أن يعي أنه مدعو للمساهمة بإعمار الوطن وبإنطباق الفعل على القول حتى لانتعرض لمقت الله سبحانه وتعالى وذلك بالثبات على ما دعتنا إليه شريعتنا من تقديس العمل العائد بالنفع لا الضرر ‘‘ فهذا هو التطور الذي يؤدي بنا للإ نتقال من مرحلة لأخرى على أسس تتميز بالمتانة والصمود وفي ذات الوقت يتحقق التطور المتماشي مع فطرة الإنسان التي فطرها عليه الرحمن وهو الإنسان السوي المحب للخير وفعله والذي بفعل المحيط الذي يتعايش معه والمؤثرات التي يتعرض لها ربما يشذ عن القاعدة السوية ويشكل عامل هدم لهذا الكون ومن عليه فبالإنسان يعمر الكون وبه أيضاً يتهاوى وينهار ...
وعليه فمن الضروري لهذا النشىء الذي نأمل منه العطاء والنماءأن يحرص على ثوابته ويعي مضمون التطور الذي تعمر به الدياروأن يفتخر بثقافته فلا يتخلى عنها وبهويته فلا ينسلخ منها فيصبح به الحال كمن ضيع مشيته ولم يتقن مشية غيره ...وعليه أن يتنبه لتلك المغالطات التي يسوقها الإعلام تارة بعد تارة مضللً فيها هذا النشىء والذي هو عماد المستقبل الزاهر بإذنه تعالى ولو ضربنا من واقعنا المعاصر مثلاً... فإننا نرى أن الإعلام الموجه عندما يريد أن يدلل على إنفتاح بلد إسلامي أو تطوره يحشر صورة المرأة فيه حشراً معتمداً على الشكلية لاالمضمون فتجده ينشر صورة لأمرأة متحجبة أو منقبة بإعتبارها دلالة على التخلف ‘‘ أو بنشر صورة لنساء سافرات أو بحجاب يكشف أكثر مما يستر معلقين على ذلك بالإنفتاح والتطور بالرغم من أن اللباس الخارجي علاقته مرتبطة بالموروث العقائدي والإجتماعي ويتغير نوعياً حسب المحيط الذي يعايشه الفرد ولكن لاعلاقة له بالقدرة على التطور المرغوب متى ما تهيأت له السبل لذلك فنهل العلوم وترجمتها هي المعيار للتطور والتقدم‘ فلماذا التركيز المبالغ فيه على اللباس الشرعي للمرأة المسلمة وتجاهل قدراتها وإنجازاتها فهناك عاملات كثيرات وفي مجالات متعددة قد أثبتن جدارة بالرغم من عدم تخليهن عن الزي الإسلامي ‘‘ إذاًهذا الأمر يحمل مغالطة كبيرة يجب ألا تمر علينا مرور الكرام أو نتشربها على أنها ضريبة يستوجبها هذا التطور المنشود والذي يجرنا لشكليات بعيدة عن معنى التقدم ويملؤها الخواء بما يحمل من فساد وتضليل‘فالتطور إن لم يكن مرتكزاًعلى العمل الدؤوب الجاد المنتج وعلى جميع المستويات وبمشاركة جادة من أفراد المجتمع بجنسيه الذكر والأنثى كل حسب قدراته ومجالاته القادر على العطاء من خلالها لايمكن له أن يكون تطوراً‘‘بمعنى التطورالذي يصل بنا إلى نتيجة نفخر بها ونطمح لها في بناء أوطاننا بما يحفظ لناهويتنا وثقافتنا التي من خلالهما نثبت وجودنا في هذا العالم الذي لايحترم من لا يحترم نفسه فالتطور المرغوب أساسه المضمون لا الشكل ‘‘لأن الشكليات زائلة بينما المضامين هي التي تخلق الأثر الذي من خلاله تستمد الأجيال القادمة الفكر الذي تنتج من خلاله عملاً أفضل منه فهو المنطلق لإكمال عملية البناء وكل ما مر بنا من حضارات ونجاحات مبدأه الفكر ‘‘ فالفكر إن صح صحت نتائجه وإن فسد ترتب على ذلك الضرر وايما ضرر ‘‘ وديننا الإسلامي دين فكر وعمل وقد ترددت آية ((أفلا تعقلون)) في مواضع عديدة فإستخدام العقل نعمة عظيمة نستشعرها عندما نرى هذا الإختلال الذي أصاب البعض من البشر فسعوا في الأرض فساداً وإفساداً فاضحت التفجيرات بلا مبرر سوى قتل الأبرياء وترويع الآمنين بلا ذنب أو خطأ هذا بالإضافة لإثارة الفتن هنا وهناك‘‘ويتبدى ذلك واضحاً في محيطنا الإسلامي ... وبما أننا كمسلمين معنين بهذا الأمر فعلينا واجب التوعية‘ومن ثم وضع خطوات هذا النشىء على الصراط المستقيم حتى يصل به لبر الأمان والتقدم والإزدهار‘‘فالعمل والحراك الذي تنشده المجتمعات يترجم ما ينتجه هذا العقل من فكر وصل إليه بما تلقاه من علوم ومعارف... والنتيجة لهذا العمل أوذاك هي التي تؤكد صحة الفكر أو خطأه ‘‘ ودائماً ما نكرر بأنه لاضير في الخطأ فخير التوابين الخطاؤن‘‘ ولكن الضير والعيب في الإستمرا على ذات الطريق المؤدي إلى الهاوية إما على مستوى الفرد أو الجماعة ‘‘ وبما أن مصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الفرد فعلينا بذلك تصحيح المفاهيم والأخذ على يد الظالم حتى يعود عن ظلمه وعلى يد المخطىء حتى يعود عن خطأه كل حسب موقعه ودوره في هذا المجتمع.
فالتغير والتغييرسنة من سنن الكون ‘ وهو ضرورة تستوجبها حاجة المجتمعات المتحركة كالمجتمع الإنساني ‘‘ والحراك الإجتماعي عامل من العوامل التي تؤدي للتبدل في الحاجات والإحتياجات لكل ماهو ضروري أو حاجي أو تحسيني فالكون يتبدل وتطرأ عليه تغيرات في تركيبته وتكوينه وإنعكاساً لذلك يتبدل الإنسان الذي يعيش ويتعايش على سطح هذا الكون بما يحمل من مكونات ومخلوقات متنوعة سخرت في غالبها لخدمة هذا الإنسان وحفظ التوازن على هذا الكوكب... والتحول أوالتبدل عندما ينقلنا من حال إلى حال أفضل منه بمعنى تحقق نتائج إيجابية من جراء هذا التحول فهذا ما يعني التطور الذي نريد ونرغب بالوصول إليه... أما في حال التحول العكسي بمعنى تحقق نتائج سلبية ضارة بالفرد والمجتمع سواء على المدى القريب أو البعيد ففي هذا إرتداد للوراء وخسارة لجهدالإنسان السابق لهذا الإرتداد.
إذاً التطور المقصود والمراد الوصول إليه هو الذي يصل بالفرد والجماعة إلى مزيد من التحولات الإيجابية المؤدية إلى مزيد من النماء والتطور بكل مايحملانه من مظاهرصلاح المجتمعات ونهضة الأوطان ويتبدى ذلك واضحاً بمستوى الخدمات المقدمة وبالمستوى المعيشي والثقافي والمعرفي للإنسان الموكل بهذا البناء .
فالإنسان هو المعيار لتقدم البشرية أو تأخرها فمتى ما هبط مستوى هذا الإنسان خلقياً وفكرياً وجسدياً ونفسياً ففي ذلك دلالة أكيدة على مدى الإ نحداروالذي يعصف بالحضارات مهما بلغت من القوة والمنعة والدلائل من واقعنا كثيرة وكبيرة ولو ضربنا مثلاً بالدولة الإسلامية القوية ذات الحضارة الممتدة لقرون مضت نجد أن التقهقر الذي أصاب الأمة إنما كان مبدأه الإنسان ذاته والذي ضلّ في تفكيره فإنعرج به عن مساره الصحيح فاختلطت المفاهيم لديه وأضحى عاجزاً عن الحفاظ على مكتسباته لكونه فرط في مبادئه وقيمه وأرخى للنفس هواها فسيرته إلى مزيد من التخلف والعجز وباتت الأمور معكوسة وكثرت المظالم وتفشى الفساد في الذمم وأضحى المرء يستسهل الحرام بل هو يعتبره عادة متى ما أصبحت متفشية فلا بأس بها ومن الأمثلة على ضلال الفكر وفساده نطرح التالي
المثال الأول :- التفجير الإجرامي في الدوحة
وحدث ذلك في يوم السبت الموافق للتاسع عشر من الشهر الماضي (مارس 2005) وقد أستخدم المفجر سيارته في التفجير الذي أصاب مسرح دوحة بلايرز التابع للمدرسة البريطانية بفريق كليب بالدوحة بأضرار مادية عدا الضرر الأكبر وهو مقتل مدرس بريطاني وإصابة بعض الحضور بكسور وكدمات ومنهم عرب ومسلمين .
ومن الطبيعي لكل إنسان سوي أن يستنكر هذا الفعل ويستهجنه سواء حدث في الدوحة أو أي بقعة في العالم فالجريمة متمثلة في كونها بلا هدف بينما الضرر منها يصيب بشرأبرياء ليس لهم علاقة بسياسات الدول التي ربما يختلف معها أمثال هؤلاء العاجزون عن المواجهة بالتي هي أحسن أو توجيه ما يدعون بأنه جهاد إلى مواقع الجهاد بحيث لايصاب الأبرياء بالضرر الناتج عن أفعالهم المتهورة والجبانةوالتي يكتوي بنيرانها من هم ساعون على أرزاقهم عاملون على المشاركة الفعالة في تنمية الموارد أياً كانت بشرية أم غير ذلك وبغض النظر عن اية فوارق في الجنس او اللون او العقيدة‘‘ خاصة وأن تعاليم ديننا تنهى عن مثل هذا التهور وتلك الأفعال‘‘ ففي إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام وفي المادة الأولى منه مانصه ((البشر جميعاً أسرة واحدة جمعت بينهم العبودية لله والبنوة لآدم وجميع الناس متساوون في أصل الكرامة الإنسانية وفي أصل التكليف والمسؤولية دون تمييز بينهم بسبب العرق أو اللون أو اللغة أو الجنس أو المعتقد الديني أو الإنتماء السياسي أو الوضع الإجتماعي أو غير ذلك من الإعتبارات )).
هذا هو الأصل الذي لابد لكل مسلم أن يتمثل به فنحن دعاة خير وسلام ولانسعى للإضرار بل للنماء والسلام المبني على العدل ورفع المظالم ومواجهتنا لعدونا تكون وفق ضوابط ديننا دين الرحمة والمحبة والعطاء‘‘ والمواجهة لاتكون إلاّ لعدو يسعى للإضرار بنا أو هو ماض في الإضرار دون تراجع أو رادع من ضمير أو خلق.
ولو أعملنا العقل قليلاً ببعض التسآؤلات .. فما الذي يدفع شاب في قمة عطائه ومع ما يحمله من علم فهو مبرمج كمبيوتر وهذا علم مرغوب ومهم في سبيل التنمية بل ومطلوب من قبل كل الجهات أن يسلك مثل هذا الطريق الذي أودى بحياته ويتّم أطفاله وأضر بالآخرين وأرعب المواطن الآمن في وطنه؟!
فهذا الشاب لم يكن في ضنك من العيش فعلى ذمة الأخبار كان يتقاضى من مؤسسة البترول ستة عشر ألف ريال قطري كراتب شهري ‘‘إذاً هولم يكن في وضع مادي سيء ربما يدفعه لبعض الحماقات‘‘بل وعلى العكس من ذلك فهو يمتلك العلم والمال والإستقرارالعائلي من حيث كونه متزوج ولديه أولاد‘‘ إلاّ إنه وللإسف الشديد وفي لحظة من الضلال الفكري إنعطف به المساروفكر بطريقة عوراء لاترى إلاّ بعين واحدة.. فالمفاهيم قد إختلطت في عقله فأودت به للهاوية. وهاهو أمام رب العالمين العالم بنيته والمجازىبها‘ وهو سبحانه من لاتخفى عليه شاردة ولا واردة وحتماً كل من فعل مثل فعله سيلقى جزاءه على جريمته... ولكن علينا نحن الباقون على ظهر الأرض أن نتفكر ونتدبر أمرنا حتى نعي حقيقة مثل هذه الأفعال الإجرامية ونتتبع خيوطها وهل هي جريمة فردية أم أن هناك من يقف وراءها وبذلك نوفر الحماية الكاملة لدولتنا وجميع من يعيش عليها من مواطنيين ومقيمين وليحفظ الله قطر وسائر بلاد العالمين فالشر يعم والخير يخص‘‘وفي كل روح رطبة أجر مادامت لاتعمل في الإضرار بالآخرين أو التسبب بالخراب والإضرار .
المثال الثاني:- إختلاس المال العام
منذ فترة بسيطة نسبياّ لم نكن نقراء في الجرائد عن بعض الظواهر التي لم تكن خافية على المواطن القطري حيث أن الدلائل عليها كانت واضحة ولكن الغفلة من قبل المسؤولين جعلت مثل تلك الظاهرة تتفاقم وتصل للحد الذي كشفها مما نبه هؤلاء المعنيين بالأمر لمثل ذلك التلاعب‘‘ والذي يعد جريمة كبرى في حق الله ثم الفرد والمجتمع‘‘ونقصد بقولنا ظاهرة إختلاس المال العام فلم يكن في السابق تسليط ضوء إعلامي على مثل تلك الجريمة حتى وإن تمت المحاسبة سراً فالصورة أمام المواطن يكتنفها الغموض‘‘وتغاضى المجتمع عن هذا الذنب بل الأدهى من التغاضي تعامله مع مثل هؤلاء حسب ماتم نهبه من ثروة فإن كبرت وأثمرت نتائجهاعلى شكليات مادية وبهرجة دنيوية كبر معها إحترام هذا المجتمع المتغاضي الساكت عن حقه والذي ينطبق عليه المثل القائل الساكت عن حقه شيطان أخرس فكيف به وهو يمجد سارق هذا الحق ويحترمه بل هو يعتبره من الأذكياء اللذين يعرفون من أين تؤكل الكتف حتى صدق أمثال هؤلاء أنفسهم وأعماهم الغرور وظنوا أنهم من المكانة التي لايمكن معها أن يحاسبوا‘‘ ولكن اليوم تبدل الأمر ولم يعد الحديث في مثل تلك الجرائم من الممنوعات بل أضحت الصحافة تناقش هذا الأمر على صدر صفحاتها الأولى فبالأمس الموافق للثاني من إبريل 2005 نشرت جريدة الراية هذا الملف من جديد وبعناوين عريضة مصحوبة بالتسآؤلات الآتية:
· - لماذا يسرق الكبار في قطر ؟
· لماذا يخون المسؤولون الأمانة؟!
ولم يكن ملف الأمس هو البداية لهذا الطرح بل هو تتمة له ‘‘ ومن المهم أن تطرح تسآؤلات أخرى مهمة في هذا الملف وهي لماذا كان التعتيم والتستر على مثل هذه الممارسات فيما مضى ؟! ‘‘ وما دور المجتمع المدني في تفاقم مثل هذه الحالة المرضية أو بمعنى آخر الظاهرة الغير سوية؟! فليس من خلق المسلم التلاعب بالمال العام فهذا من أكبر الذنوب فالأمر لايتعلق بحق فرد بل بحق الجماعة مما يستوجب غضب الرب ونقمته لأن مايترتب على هذا الفعل من ضرر يفوق ما يمكن تصوره فالخلل يلحق بكل مافي الوطن من مؤسسات وأفراد بل وينعكس على أخلاقيات المجتمع مما يؤدي لمزيد من الإنحرافات السلوكية هذا عدا مايترتب على المال الحرام من ضرر ينعكس على السارق أو المختلس ذاته مع أفراد أسرته حتى وإن تراءى للمجتمع عكس ذلك من حيث الصورة الشكلية الظاهرة له بما تحمل من مظاهر خداعةلذلك لابد من تحليل تلك الظاهرة من خلال أبعاد متعددة منها :
· - البعد الديني
· البعد القانوني
· البعد الثقافي
· البعد الإجتماعي
ومع كل ماذكرفالجريمة مشتركة فيما بين الأطراف سواء هؤلاء المختلسون أم الصامتون والممجدون‘‘ ولكن الشفافية المعتمدة في هذه المرحلة تبشر بالخير‘‘ فهناك لفتة كريمة وعلى أعلى المستويات للإلتفات لمثل هذا التلاعب ومن هم مسؤولين عنه اليوم وغداً وليته يطبق بأثر رجعي حتى يرتدع كل من تسول له نفسه سلوك مثل هذا الطريق الأسود‘‘ وربما في محاسبتهم بالدنيا رحمة لهم في الآخرة.ولكن لايجب أن يظل الأمرمجرد جعجعة صوتية أو تتداخل فيه المجاملة والمحاباة والرشاوى من جديد فيطبق القانون على ناس دون ناس لأن في ذلك فساد وظلم كبير وليوفق الله المسؤولين لما فيه خير الوطن والمواطن‘‘وليكن شعار ((من أين لك هذا)) مطبق في كل مؤسسة حكومية كانت أو مدنية ‘‘وفي ذلك ترسيخ لمفهوم ومبدأ لابد من توضيحه فمثل هؤلاء مجرد لصوص لا وجهاء أو أذكياء فالذكاء لايكون بإرتكاب المحرمات ‘‘ وتكوين الثروة بالحلال هو الذكاء بعينه ولاعيب في أن يعمل المرء على الإستزادة من الخير فالمؤمن الغني خير من الفقير متى ماكان غناه بالحلال وفي الحلال ونبي الله سليمان عليه السلام دعى ربه(( قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لاينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب )).[4]
وبالرغم من كونه ملك ملكاً لن يملكه أحد من بعده لم يعرف الغرور بالنفس أوالإعتداد بالقدرة التي تدفع للظلم‘ولم يخسر آخرته بدنياه فليتنا جميعاً نتفكر في حياة الأنبياء ونستخلص العبر منها.
المثال الثالث:- ظواهر إعلامية
مثالنا هذا مغاير تماماً للمثال السابق ولا علاقة له بعالم الجريمة أو الإرهاب بل الخلل فيه كائن بإختلال المبادئ والقيم وفقدان الهوية الإسلامية لدى البعض من شبابنا اللذين ندعو لهم بالهداية والتوفيق لتعود حركتهم بالنفع الإيجابي على أنفسهم في دنيا الفناء وفي دار القرارالخالد ومن ثم بالنفع والفائدة لمجتمعاتهم وأوطانهم .. فرفعة إسم الوطن لايكون بمثل هذه الترهات التي نتابعها وربما نرى فيها متعة ووسيلة لإشباع حالة الفضول لدى الإنسان وذلك من خلال متابعة تفاصيل الحياة اليومية لبعض من الناس فما هو الحال إن كانت تلك التفاصيل معروضة على الملأ على مدى الأربع والعشرين ساعة ولشهور متواصلة ومثال ذلك ما تتبعه القنوات الفضائية من تبني برامج الواقع المستنسخة من برامج مجتمعات تعيش وضعاً مغايراًً لمجتمعاتنا سواء في القيم والمبادئ أو في المعتقد الديني والذي فرض علينا أموراً لايمكن لنا فيها ممارسة حق الإجتهاد من حيث كونها وردت في نصوص قطعية غير قابلة للنقاش فالإجتهاد مطلوب في الدين بل هو ضرورة يستوجبها التطور ولكن لاينطبق ذلك على الأصول الثابتة بالنصوص فالله سبحانه وتعالى يقول (( وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم فإنتهوا))[5].
ومن أمثلة برامج الواقع التي يتابعها الشباب بشغف وتلهف برنامج ستار أكاديمي الذي يتابعه الملايين بل الأنكى من المتابعة الصامتة عملية التصويت التي تدر مبالغ هائلة على منتجي هذه البرامج وهنا خلل آخر فلو إقتصر الأمرعلى المتابعة فقط لما إستمر هذا الخواء ولكن المساهمة بإنجاحه وهدر الأموال التي سيناشدنا الله عنها كما يناشدنا عن شبابنا فيما أفنيناه هو الذي يعمل على إستمراريتها والمشاركة في الإثم الناتج عن إنتشارها بما تحمله من مضامين خاوية وكأن أمتنا في حاجة لمثل هذه الترهات التي تزيد ضعفنا ضعفاً وعجزنا عجزاً والخطأ القاتل الذي يقع فيه الكثير منا إنما يكون في تلك النظرة القاصرة بإعتبار مثل هذه البرامج وما هو في خانتها معياراًللتقدم والتحضر وخلع رداء التخلف متغافلين بذلك عن كوننا حضارة تحتضر وليست متمتعة بالقوة والريادة في مجالات عديدة كما هو الحال في المجتمعات التي نقلدها في نقاط ضعفها الذي بدأ يعمل في نخرها من الأساسات فمتى ما تفشت الفواحش وإنتشر الفساد ففي هذا إيذاناً ببداية العد العكسي للتهاوي هذا مع الوضع بالإعتبار مدى التقدم في الجوانب الإيجابية لهذه الدول والتي تعمل بهمة لحماية مكتسباتها العلمية والمعرفية بينما نحن مازلنا نتمسك بالقشور كدلالة على نهضتنا وتطورنا بينما الواقع يثبت عكس ذلك فهذه البرامج ترسخ مفاهيم مغلوطة وتعمل على هدم القيم بمعول متسارع الضربات ولو دللنا بمثل بسيط لما نعنيه ففي أحد حفلأت هذا البرنامج المذكور كانت المفاجأت المعدة لأحدى المشتركات إحضار طفل سرق من والده مبلغاً من المال ليصوت لتلك المتسابقة وكان الإحتفاء به والتصفيق الذي ناله يوحي له ولمن في عمره وكأنه حقق إنجازاً يشكر عليه بينما هو مرتكب لسرقة كان من الأجدر أن يعاقب عليها حتى لايعتقد بأن مافعله أمراً لاغبار عليه فالسرقة جرم والمشاركة بالتصويت وتضييع المال إثم فبالله ماهذا التضليل الذي تعمل مثل هذه البرامج على ترسيخه في نفوس النشء ‘‘ والأمثلة على مثل هذا الخواء الذي نعايشه بل ونساير الفكر الأعوج الذي أنتجه كثيرة ومتعددة ولايمكن لنا إستيعابها في محاضرة قصيرة .. ولكن الغاية من هذا الطرح هو التدليل على أن التطور الذي ننشده إنما مبدأه الفكر السليم والذي تحمله النفس السوية القادرة على تفعيل الدور الإيجابي في المجتمع بجد وقدرة على العطاء والتفاعل المثمر ..
وبناء على ما تقدم أجمل هذا القول في كلمات بسيطة ولكنها مهمة لمن في هذه المرحلة العمرية والدراسية التي تعايشونها بكل ما تحمله من مغريات وملهيات.. فالتطور الملقى على عواتقكن لابد أن يؤسس على قواعد قوية متينة قادرة على الصمود والتحدي بشرط ألاّ يكون لهذا التطور تخلياً عن الهوية التي لابد منها في إثبات الوجود فالعلم قد فتحت أبوابه وفي جميع التخصصات فليكن المضي للنهل منه الخطوة الأولى في سبيل المشاركة في نهضة الوطن وذلك من خلال إعتماد قواعد ثلاث تؤسس لبناء قوي الأركان وهي :
· الهدف:- بمعنى تحديد الغاية المنشودة.
· الإرادة:- توافر العزم والتصميم على تحقيق تلك الغاية.
· السعي :- ضرورةالحراك‘ مع الحرص على إستخدام كل الوسائل الممكنة والمشروعة في سبيل تحقيق الهدف.
فنجاح الطالب بتفوق غاية يطمح لها الجميع ومع الفارق في القدرات الذاتية إلاّ أن الإنسان السوي لابد له من الإرادة التي تساعده على تخطي العوارض التي تعترض مسيرته الدراسية ولاتكفي الإرادة منفردة فالسعي مكمل لها في سبيل الوصول للغاية التي يطمح في تحقيقها‘‘ ولايمكن أن يتحقق النجاح بمجرد التمني ‘‘ وينطبق الأمر على مجمل الغايات والأهداف التي نسعى في سبيل تحقيقها لنثبت للعالم قدرتنا على التطور البناء الذي تعمر به الديار وتترسخ به القيم السامية التي ينشدها الإنسان الذي يأمل أن يعيش في عالم طاهر ‘آمن‘ مستقر‘ مزدهر‘ متآخ‘ متحاب‘ ومتعاون على البر والتقوى فهذا هو العالم الذي نحلم به والتطور الذي نأمل بالوصول إليه ...
إعداد: نورة الخاطر
***************
*********************
***************************


[1] -سورة نوح \الآية(14)
[2] - سورة التوبة آية (105)).
[3] - سورة الحجرات آية (13).
[4] - سورة ص آية ( 35).
[5] - سورة الحشر آية (( 7 )).

No comments: